معنى القوامة في قوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء)

Q ما المقصود بالقوامة التي في قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:34]؟

صلى الله عليه وسلم فضل الله الرجل على المرأة، والله سبحانه وتعالى إذا حكم لا يعقب حكمه، وهو -جل جلاله وتقدست أسماؤه- عليمٌ بخلقه، حكيم في تدبيره وأمره وشأنه، فالله تعالى جعل في الرجال ما لم يجعله في النساء، كما جعل في القوة ما لم يجعله في الضعف، وقد بين الله تعالى أن الرجل لا يستوي مع المرأة، ومن قال: إن الرجل كالمرأة سواءً بسواء فقد ناقض شرع الله، وخالف نصوص الكتاب والسنة، قال الله تعالى: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران:36]، وقال سبحانه وتعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف:18]، والمراد بذلك: المرأة، والسبب في هذا التفضيل: أن الله سبحانه خلق آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، ثم خلق منه زوجه، وخُلقِت من ضلع آدم كما أخبر صلى الله عليه وسلم (أنها خلقت من ضلع أعوج) وهذا حكم الله عز وجل كما تجد في الخلق من هو عالم وجاهل، فالعلماء أفضل من الجهال، وتجد الغني والفقير، هذا كله تفضيل من الله، لا يستطيع أحد أن يقول: لماذا؟ أو يريد أن يعطل حكم الله عز وجل، فالأصل أن الله فضل الرجال على النساء، ولكن جعل الفضل المشترك بينهم التقوى، فإن كانت المرأة صالحة قانتة حافظة للغيب بما حفظ الله؛ فلها فضلها ولها قدرها ولها حقها ولها مكانتها، والرجل إذا كان فاسقاً فاجراً متنكباً عن صراط الله عز وجل؛ كان كالبهيمة {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الفرقان:44]، فهذا التفضيل في الأصل يبقى موقوفاً على اتباع الشرع كما قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13]، فذكر خلق الناس من ذكر وأنثى ثم بين التمايز والتفاضل، وكون المرأة دون الرجل لا يمنع أن تكون في الفضل أفضل من الرجل إن كان الرجل عاصياً لله عز وجل، فالمرأة ينبغي أن تعلم أن الله فضل الرجل عليها، وهذا التفضيل حكم من الله سبحانه وتعالى، وقد دلّت دلائل الكتاب والسنة على هذا؛ ولذلك جعل الله شهادة الرجل كشهادة اثنتين من النساء؛ لأن الله جعل في المرأة من الحنان والرحمة والعطف والعاطفة ما لم يجعل في الرجل، وهذه العاطفة تؤثر في المشاعر، وجعل في الرجل من القوة ما لم يجعل في المرأة، وانظر إذا أردت أن تعرف الفرق بين المرأة والرجل في مواقف الشدة والضعف؛ فإن المرأة إذا وقفت أمام قتل أو دماء تسيل لا تستطيع أن تتم النظر وسرعان ما تصرخ، وسرعان ما يغشى عليها، وسرعان ما تضع يديها أمام بصرها؛ لأن الله لم يعطها من القوة ما أعطى الرجل، ولا نستطيع أن نقول للضعيف: كن قوياً، ولا نستطيع أن نقول للقوي: اخرج عن فطرتك التي فطرك الله عليها حتى تصير كالمرأة ضعيفاً جباناً، ينبغي أن نعلم أن هذا التفاضل وراءه حكم عظيمة، لو أن الكون كله خلق على صفة واحدة لتضادت الأشياء، فالمرأة بضعفها وحنانها ورحمتها وعاطفتها قد تفوق الرجل بكثير، وهذا يكون إذا وضعت رحمتها وعاطفتها في مكانها، فالمرأة حين ترعى الصغير، وتحسن التبعل لزوجها، وتشعر أنها تحت الرجل وتحسن التبعل له، وتحسن القيام على بيته وولده، وترعى المسئولية التي ألقاها الله على عاتقها؛ تكون كأكمل ما أنت راءٍ من امرأة، ولكن ينقلب الحال إذا صارت كالرجل تحاكي الرجال وتحاول أن تكون مثل الرجل سواءً بسواء؛ حتى إن بعض الأدعياء -قاتلهم الله- يقولون: إن الإسلام لم يفرق بين الرجل والمرأة: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} [الكهف:5]، فعلى الرجال الجهاد، وليس على النساء جمعة ولا جماعة ولا جهاد، ومن قال: إن المرأة مثل الرجل، فقد شق على المرأة، ولن يستطيع أحد أن يعطي المرأة حقوقها -على أتم الوجوه وأكملها- إلا الله جل جلاله وحده لا شريك له، الذي أعطاها الضعف، وهذا الضعف كمالٌ لها، وزينة لها وجمال، فإذا نظرت إلى حنانها وهي تمسح صبيها وربما تذكر الإنسان ولادته وحنان أمه وعطفها وشفقتها فلم يتمالك دمعة عينه ويترحم عليها إن كانت ميتة أو يدعو لها إن كانت حية، فالذي يريد أن يجعل المرأة كالرجل فإنه يخرج المرأة عن فطرتها، بل إنه يعذبها، يريد أن تخرج كالرجل سواء بسواء فيحملها ما لا تطيق ويعميها، ويجعلها في وضع لا تستطيع أن تقوم به مهما كانت الأمور؛ لأن فيها من الخصائص وفيها من الطبائع ما لا تقوى أن تكون فيه مثل الرجل؛ لأن هذا حكم الله، وحكم الله إذا خرج الإنسان فيه عن الفطرة السوية، والخلقة المرضية؛ فإنه سيشقى ويتعب، ولذلك الله تعالى يقول: {فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [طه:117]، وأطرد الخطاب للرجال تفضيلا وتكريما؛ لأنهم فضلوا بأصل الخلقة، وخلق الله آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، فلا بد للمرأة المؤمنة الصالحة أن تدرك هذه الحقيقة، وأن تترك أوهام من يدعي أن المرأة كالرجل، ويحاول أن يجعل المرأة كالرجل سواءً بسواء، بل ينبغي للمرأة أن تعلم علم اليقين أنه لا سعادة في بيت الزوجية إلا إذا علمت أن الرجل قائم عليها، وأن الله لم يجعلها قائمة على الرجل إلا في حالة واحدة، وهي: إذا تنكب الرجل عن صراط الله؛ زجرته بزواجر الله وذكرته بأوامر الله وأوقفته عند حدود الله، وعندها تكون قد أقامته على صراط الله ومرضاة الله، والخاص لا يقتضي التفضيل من كل وجه على سبيل العموم، وأياً ما كان فإن القوامة ينبغي للرجال أن يضعوها في موضعها، فيكون الرجل في بيته كاملاً يراعي حق الرجولة، ويوقف المرأة عند حدودها، فعلى المرأة أن تذل لزوجها، وتكون تحته مطيعة له، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وتوفيت وزوجها عنها راض قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبوابها شئت)، ولم يجعل ذلك للرجال، ما قال: إذا صلى الرجل خمسه وصام شهره وأرضى زوجه ورضيت عنه زوجه؛ لأن الأصل أن الرجال هم القائمون، وعلى هذا: فينبغي للمرأة أن تعلم أن سعادتها أن تعطي الرجل حقوقه.

وهنا أذكر أن على الرجل أن يتقي الله وأن لا يتخذ من هذه القوامة إساءة وإضراراً خاصة إذا كانت تحته امرأة صالحة، تخاف الله عز وجل، فالمرأة الصالحة لها حق على كل رجل صالح بأن يحفظ صلاحها، خاصة عند كثرة الفتن والمحن، وأن يقبل منها حبها لله وطاعتها لله، وأن يحمد الله جل جلاله أن وفقه لمثل هذه المرأة، فيثبتها حتى يعينه الله عز وجل على القيام بحقوقها.

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يأخذ بنواصينا إلى سبيل البر والرضا.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015