إذا سئل الرجل: هل طلقت زوجتك؟

قال رحمه الله: [ولو سئل: أطلقت امرأتك؟ فقال: (نعم) وقع].

هذا من ترتيب العلماء رحمهم الله، فاللفظ الصريح يأتي مباشرة: أنت طالق، أو طلقتك أو مطلقة.

إلخ.

ويأتي في بعض الأحيان سبق لسان، فصار عندنا الصريح الذي قصد به ونوى ووقع واعتد به، وعندنا الصريح الذي يكون فيه سبق اللسان، وعندنا حالة ثالثة، وهي: أن يأتي غيره بالصريح فيجيبه موافقاً له، وهذا من ترتيب الأفكار كما ذكرنا.

وصورة المسألة، أن يكون سأله رجل، قال: أطلقت امرأتك؟ (أطلقت) الهمزة: للاستفهام، قال: نعم.

أو سأله: هل طلقت امرأتك؟ قال: نعم، فإنه لو لم يكن طلقها من قبل، تطلق عليه.

وهذا الجواب قوله: نعم، أي: هي طالق، أو طلقتها.

والقاعدة عند العلماء تقول: (جواب الصريح صريح) ويقولون: هي فرع من القاعدة: (السؤال معاد في الجواب).

فالقاعدة الأولى التي هي الأم، تقول: (السؤال معاد في الجواب) ثم تبني عليها قاعدة: (جواب الصريح صريح)، فعندنا قاعدتان، فقاعدة: (السؤال معاد في الجواب)، هي التي بني عليها التطليق، وينظر في هذا الجواب، إن كان عن سؤال صريح فهو طلاق صريح، وإن كان عن سؤال كناية فهو لفظ كناية، فلما سأله قال له: أطلقت امرأتك؟ قال: نعم، قلنا: السؤال معاد في الجواب، وأصل التقدير: نعم طلقت امرأتي، أو نعم امرأتي طالق.

هذا أصل التقدير.

فهذا معنى قولهم: (السؤال معاد في الجواب) ويدل على ذلك السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قالت له أم سليم: (يا رسول الله! هل على المرأة من غسل؟ قال: نعم، إذا رأت الماء) أي: نعم تغتسل إذا رأت الماء، هذا أصل التقدير، فمن سأله: أطلقت امرأتك؟ وقال: نعم، فقد أجاب (والسؤال معاد في الجواب)، فكأنه قال: نعم طلقت امرأتي.

هذه القاعدة الأولى.

والقاعدة الثانية: لما سأله: أطلقت؟ لفظ (أطلقت) صريح، والجواب وقع بنعم، فجواب الصريح صريح، إذاً نعده من الطلاق الصريح، ويكون من اللفظ الصريح، فاستوى في الصريح أن يكون ابتداء من المكلف نفسه، أو يكون جواباً على سؤال، وعلى هذه القاعدة (السؤال يكون معاداً في الجواب) فرعوا مسائل كثيرة، منها: لو أن القاضي سأل الخصم وقال له: هل لفلان عندك عشرة آلاف؟ قال: نعم، حكم عليه بإقراره، ويجب عليه أو تثبت في ذمته العشرة آلاف.

فقولنا: (السؤال معاد في الجواب) يستلزم أن نحكم بكونه قد طلق امرأته إذا أجاب بنعم، ولو سأله: أطلقت امرأتك؟ فقال: لا، لم يقع الطلاق؛ لأنه لم يجبه.

فحينئذ كأنه قال: لا، لم أطلقها.

وهنا ينبغي أن يتنبه إلى أن هناك حالتين، والمصنف هنا أطلق، وقال: تطلق عليه، لكن في الحقيقة حتى يكون الأمر أوضح: إذا سأل سائل، وقال: أطلقت امرأتك؟ وقال: نعم، لم يخل من حالتين: إما أن يقول: نعم، جاداً في الطلاق، فلا إشكال.

وإما أن يقول مازحاً هازلاً، فالطلاق الأول من باب الجد، والطلاق الثاني من باب الهزل، فإن الهازل يمضي عليه الطلاق في السؤال، وفي صريح اللفظ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل طلاق الهازل كطلاق الجاد، ولم يفرق بين كونه معاداً في جوابه، أو كونه ملفوظاً ابتداءً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015