قال رحمه الله: [وسباع البهائم والطير] سباع البهائم كالأسود والنمور ونحوها وهي العادية، فالسبع العادي: هو الذي يعدو على الناس وعلى الدواب.
والطيور تنقسم إلى قسمين: منها ما هو من السباع، ومنها ما هو من غير السباع، والغالب في سباع الطيور أن تكون من ذوات المخالب، ولذلك حرم النبي صلى الله عليه وسلم كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير، وتحريم أكل كل ذي ناب من السباع يدل على نجاسته؛ لأننا نلاحظ في حديث الحمر أنها كانت جائزة وكان أكلها جائزاً فلما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم بتحريمها أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور، فهي لما كان أكلها حلالاً كانت طاهرة، ولما حرِّم أكلها أصبحت نجسة، قال العلماء: وهذا دليل واضح -وهذا استنباط العلة- على أن تحريم اللحم يدل على نجاسة ذلك المحرم إلا ما استثناه الشرع.
وإذا ثبت هذا: فعندنا سباع البهائم لا يجوز أكل لحمها، وإذا لم يجز أكل لحمها فإنها نجسة؛ لأن تحريم اللحم ذاته يدل على نجاسته، ومن ثم يكون سؤره وفضلته في حكم أصله المتولد منه، وهذا يقوي أنه نجس، ولذلك قالوا: إن سؤر السبع نجس، وشاهد الحس قوي، فإن السباع تغتذي بالميتات وتغتذي بالنجاسات، بل قَلَّ أن تغتذي بطاهر، ولذلك يقولون: إنه حكم بنجاستها لدلالة الشرع والطبع، فإن العادة والاستقراء تدلان على مخالطتها للأقذار والنجاسات في غالب أحوالها.
وسباع الطيور: كالنسور والشواهين، وكذلك الصقور العادية والباشق، ونحوها من الطيور العادية، كلها يحكم على فضلاتها وسؤرها بالنجاسة.