وأما الضرب في قوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} فإن ضرب النساء يشترط فيه ما يلي: أولاً: ألَّا يكون ضرب قتل.
ثانياً: ألَّا يكون ضرب إدماء.
ثالثاً: ألَّا يكون ضرباً مزمناً.
رابعاً: ألَّا يكون ضرباً مشيناً.
فهذه أربعة أنواع من الضرب ينبغي اتقاؤها.
أولاً: أن لا يكون الضرب قاتلاً، وضرب القتل: هو أن يضربها في مقتل، أو يضربها بآلة قاتلة، فلا يأتي أحد ويأخذ آلة قاتلة، مستدلاً بقوله تعالى: (وَاضْرِبُوهُنَّ)، بل هذا قتل، ويضمن بهذا بإجماع العلماء رحمة الله عليهم، ولا يضرب في مقتل وهي الأماكن التي لو ضرب فيها أدت إلى القتل، كأن يضربها على كبدها، أو يضربها على أماكن قاتلة، فهذا يوجب الضمان، أي: يوجب العقوبة، فهذا ضرب القتل.
ثانياً: ألًَّا يكون ضرباً مدمياً، وهو الضرب الذي يجرح، كأن يضربها بشيء كالسلك أو نحوه، مما يجرح الجسم ويدميه، والآلات الحادة، كأن يجرحها بسكين، أو يجرحها بشيء له نفوذ في البدن، فهذا لا يجوز بإجماع العلماء رحمة الله عليهم.
ثالثاً: ألَّا يكون الضرب مزمناً، والضرب المزمن هو الذي يعيق بعض الأعضاء، كأن يضربها على يدها فتصاب يدها بالشلل، أو تجلس فترة لا تستطيع أن ترفع يدها، فهذا ضرب يزمن اليد، أي: يبقى أثره زمناً؛ لأنه ضرب مبرح، فهذا بالنسبة للمزمن.
فإذاً: يشترط ألا يكون قاتلاً، وألَّا يكون جارحاً، وألَّا يكون مزمناً.
رابعاً: ألَّا يكون مشيناً، والضرب المشين هو الذي يبقى أثره في البدن، ولا يقتل ولا يجرح؛ لكن يضربها -مثلاً- بقوة على بدنها حتى يحمر البدن، فإذا احمرَّ فهو الضرب المشين، وحينئذٍ لا يجوز له هذا النوع من الضرب، وإنما يضرب الضرب من لكز ونحوه، الذي لا يكون فيه قتل، ولا جرح، ولا زمانة، ولا يشين، وهكذا لَطْم الوجه، فإنه لا يجوز لطم الوجه، فقد نُهِي عن لطم الوجه، وهكذا لو كان الضرب شديداً، فإذا ضربها بقوة بحيث بقيت آثار ضربه على وجهها، فهو ضرب مزمن.