قال رحمه الله: [ويحرم مطل كل واحد بما يلزمه للآخر والتكرّه لبذله] ويحرم المطل، المطل: التأخير، ومنه: مطل الغني في السداد، وهو القادر على السداد.
(يحرم مطل) وهو تأخير الحق، فإذا طلب الزوج زوجته إلى الفراش وهي قادرة ويمكنها ذلك فلا يجوز أن تؤخره، بل تبادر مباشرة بطاعته، كذلك إذا طلبت الزوجة من زوجها نفقة البيت ونفقتها، وعنده مال، ويمكنه أن يعطيها مباشرة، فلا يجوز أن يقول: أعطيك غداً أو بعد غد، ويؤخر عنها حقها، فكل لحظة وكل ساعة يتأخر فيها يحمل وزرها وإثمها والعياذ بالله.
ولذلك الملائكة تلعن المرأة إذا دعاها زوجها إلى فراشها وهي قادرة وامتنعت، فتبيت والملائكة تلعنها والعياذ بالله.
وكما يحرم المطل يحرم أن يؤدي الحق الواجب عليه وهو كاره، بطريقة تشعر أنه مكره، فإن العشير إذا عاشر عشيره، ووجد أنه يعطيه حقه بكره، وكأنه مغصوب على ذلك، كره عشرته ونفر منه ومل العيش معه، وهذا هو الذي تنهدم به البيوت وتتشتت به الأسر، ويدخل به الشيطان بين الزوجين.
فلذلك لا ينبغي أن يؤدي الحق بكره، والكره يشمل التصريح بالقول، كأن تتكلم المرأة كلاماً يدل على أنها غير راضية، أو يتكلم الرجل كلاماً يدل على أنه غير راض، كأن يعطيها نفقتها ويقول كلمة نابية قاسية جارحة، كأن يقول: خذي نفقتك لا بارك الله لك فيها -والعياذ بالله- أو: خذي نفقتك مغصوبة، أي أني أعطيكِ إياها وأنا كاره لذلك، وخذيها بلا طيبة نفس مني، أو: خذيها ولا أريد أن تأخذيها، ونحو ذلك الكلام.
ويكون بالفعل كتذمره بالتأفف؛ وكذلك أيضاً لون الوجه وظهور أمارات الكراهية كل ذلك من الكره، سواء وقع من الزوج أو الزوجة، فكل ذلك مما لا يجوز؛ لأنه خلاف المعروف الذي أمر الله به في كتابه المبين ووصى به عباده المؤمنين.