بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فيقول المصنف رحمه الله: [باب عشرة النساء] لما بيّن المسائل المتعلقة بالنكاح شرع فيما يترتب عليه من آثار، من وجوب عشرة كل من الزوجين للآخر، والأصل في هذا الباب قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وقوله سبحانه وتعالى في الحقوق: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228].
وقد ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم السنن والأحاديث في بيان ما يجب على الزوج لزوجته، وفيما يجب على الزوجة لزوجها، فكل من الزوجين مطالب بحق للآخر، وهذا ما يسمى بالحقوق الزوجية، فمن العلماء من يقول: باب الحقوق الزوجية.
ومنهم من يقول: باب عشرة النساء، وكلا البابين يذكر فيه الأحكام المتعلقة بالمعاشرة.
وعشرة النساء الهدي فيها هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأكمل ما تكون المعاشرة بالمعروف بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته القولية والفعلية والتقريرية في معاشرة أهله وزوجه صلوات الله وسلامه عليه.
قال رحمه الله: [يلزم الزوجين العشرة بالمعروف] الحقوق الزوجية تنقسم إلى ثلاثة أنواع: - حق للزوج على زوجته.
- وعكسه حق الزوجة على زوجها.
- والحقوق المشتركة.
وبعض العلماء يقسمها إلى اثنين مقسمة إلى ثلاثة فيقول: - الحقوق المشتركة - والحقوق الخاصة.
ثم الحقوق الخاصة إما للزوج على زوجته أو العكس.
فأما الحقوق المشتركة فابتدأ المصنف رحمه الله بها في قوله: [يجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف] والمعروف ضد المنكر، أي: بما أقره الشرع لا بما أنكره، وبما أذن به الشرع لا بما حرمه، ويشمل هذا: المعاشرة بالمعروف بالكلام الطيب، والمعاشرة بالمعروف بالفعل الطيب.
والمعاشرة بالمعروف تكون في الأمور المادية والمعنوية، وتكون المعاشرة بالمعروف في القلوب وفي الأمور الخفية المغيبة، فيغيب في قلبه حسن النية لزوجته، وتغيب الزوجة في قلبها الخير ونية الخير لزوجها، فيشمل هذا الظاهر والباطن والقول والفعل.
كل ذلك ينبغي أن يقوم على المعروف الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يقوم على المنكر، أي: على المحرم الذي حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
والمعروف أيضاً ما تعارف عليه أهل العقول السوية والفطر السليمة، فالأمور التي تعارف عليه العُقلاء والفُضلاء يعاشر كل من الزوجين الآخر بها، فهذا معنى قوله: [العشرة بالمعروف].
والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:19] وقال تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة:231].
وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه عاشر أهله بالمعروف، وأحسن إلى أزواجه صلوات الله وسلامه عليه وأكرمهن.