الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين: أما بعد: قال رحمه الله تعالى: [فصل: الرابع: الشهادة]: الرابع من شروط عقد النكاح: الشهادة، وتطلق بمعانٍ؛ يقال: شهد الشيء إذا حضره، قال تعالى: {وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [القصص:44] يعني: من الحاضرين، وقيل: سمي الشهيد شهيداً؛ لأنه تحضره الملائكة كما ثبت في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه لما استشهد عبد الله بن حرام والد جابر رضي الله عنه وعن أبيه جعل جابر يكشف الثوب عن وجه أبيه ويبكي، وقيل للنبي: إن أخته تبكيه، فقال صلى الله عليه وسلم: (ابكيه أو لا تبكيه فما زالت الملائكة تظله حتى رفعتموه) فقالوا: الشهادة الحضور، ويقال: شهد بالشيء إذا علمه، ومنه قولك: أشهد أن لا إله إلا الله، أي: أعلم علماً يقينياً، وتقول: أشهد أن محمداً صادق، وأشهد أن محمداً بر، ونحو ذلك، أي: أعلم هذا منه.
فالشهادة تطلق بمعنى العلم وتطلق بمعنى الحضور.
وقوله: (الشهادة): الشهادة شرط لصحة عقد النكاح، وذلك للتفريق بين النكاح والسفاح، ومن مميزات الشهادة على عقود النكاح أنها تدفع الضرر، فإن حقوق المرأة تضيع إذا لم يكن هناك شهود يثبتون أنها زوجة لفلان، ولربما جحد الرجل أنه زوج لفلانة، فوجود الشهود يحفظ الحقوق سواءً في الحياة أو بعد الموت، ثم الشهادة تحفظ حقوق الذرية، فلربما مات الزوجان أو ذهبا في حادثٍ أو نحوه، فيبقى النسل، ويشهد الشهود بأنه نكاح صحيح، وأن هذا الولد منهما من زواج صحيح، فالشهادة للاستيثاق والحقوق، وفرق بين النكاح والسفاح، والدليل على اشتراط الشهادة قوله عليه الصلاة والسلام: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) فلابد من وجود عقد النكاح في قول جمهور العلماء رحمهم الله.