قال رحمه الله: [ويجب على كل من يخاف الزنا بتركه] الواجب: يثاب فاعله ويعاقب تاركه، فإن خاف على نفسه الزنا بترك النكاح ويقدر عليه -عنده مئونة وقدرة أن يتزوج- فحينئذٍ يجب عليه أن ينكح، وقد بينا وجه ذلك؛ لأنه إذا لم يتزوج وقد استيقن أو غلب على ظنه الوقوع في الحرام فمعنى ذلك أنه سيقع في الحرام لا محالة، والله عز وجل حرم الحرام والوسيلة إلى الحرام، ولذلك حرم الزنا وحرم وسائل الزنا، فحرم النظر للأجنبية، ولمس الأجنبية، والسفر مع الأجنبية بدون محرم، والخلوة مع الأجنبية بدون محرم، حتى حَرَّم على المرأة أن ترفع رجلها فتضربها على الأرض ليُعْلَم ما تخفيه من زينتها، من باب منع الوسائل المفضية إلى الزنا، وهو المقصد والغاية من هذه الوسائل التي نص الشرع على تحريمها.
فكأن الشرع حينما نص على تحريم هذه الوسائل قصد أمرين: - تحريم الأصل الذي يسمى بعبارة العلماء وبمصطلحهم: مقصداً وغاية.
- وتحريم الوسيلة المفضية إليه.
قالوا: فسكوته عن زواج نفسه وسيلةٌ مفضية إلى الوقوع في الحرام، كما لو خلا بأجنبية فكأنه يتعاطى أسباب الوقوع في الحرام.
ومفهوم هذا: أنه إذا أمن الحرام أو أخَّر لزمان يراه أصلح له في اجتهاده ونظره أنه لا يصل إلى الوجوب متى ما علم أنه واثقٌ من نفسه وغلب على ظنه، فإذا استيقن أو غلب على ظنه فلا إشكال.