وقوله: (ولا لوارث بشيء).
فلا يصح أن يوصي لوارثه بشيء، فلو خص بعض الورثة وقال: أوصي بأن يُعطى فلان من أولادي الثلث أو الربع، أو يُعطى مائة ألف من التركة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حرم هذا ومنعه، حيث قال: (لا وصية لوارث)، وجاء في حديث ابن عباس -وقد سبقت الإشارة إليه- إلا أن العلماء اختلفوا في قوله: (إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث)، فهذا يدل على أن الوارث لا يُوصى له.
والعبرة بالوارث هو ما يكون بعد الموت، فإذا كان غير وارث حين الوصية، ثم أصبح وارثاً بعد الموت، أو كان وارثاً حال الوصية ثم أصبح غير وارث عند موته، فهذا كل سيأتي بيانه إن شاء الله.
أما من حيث الأصل فلا يجوز للميت أن يُوصي لمن يرثه، سواءً كان من الذكور أو من الإناث، وفي هذا حكمة عظيمة؛ لأن الله سبحانه وتعالى قسم المواريث وأعطى كل ذي حق حقه من التركة، فينبغي أن لا تترك القسمة؛ لأنها هي العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض.
فإذا جاء يوصي وقال: بناتي، أو أبنائي أريد أن أزيدهم، فكأنه يستدرك على الشرع، ولذلك قُطع من هذا ومُنع.
كما أن الوصية للوارث توغر صدور الورثة بعضهم على بعض، وتوغر صدورهم أيضاً على مورثهم، سواءً كان من الرجال أو من الإناث، كما حرّم الله عز وجل تخصيص بعض الورثة بالعطيَّة دون بعضهم كما تقدم معنا.