قال رحمه الله: (ولا يرد جلد ميتة).
الميتة من غير الجلد متفق على تحريمها وعدم الانتفاع بها، إلا الشعر ففيه خلاف بين العلماء رحمهم الله، وأما بالنسبة للجلد فقد تقدم معنا في كتاب الطهارة أن جلد الميتة فيه مذهبان، وجمهور العلماء على أن جلد الميتة لو أخذته ودبغته فإنه طاهر؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أيما إهاب دبغ فقد طهر) ومر على ميتة فقال: (هلا انتفعتم بإهابها؟! قالوا: يا رسول الله! إنها ميتة، قال: إنما حرم أكلها) فدل على أن التحريم يختص بالأكل ولا يشمل الانتفاع بالجلد.
وعند الحنابلة -وهو القول الثاني في المسألة- لا يجوز الانتفاع به، وأن جلد الميتة لا يطهر بالدباغة، واستدلوا بحديث عبد الله بن عكيم الجهني رحمه الله -وهو من التابعين- قال: (أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بشهر أو شهرين وفيه: وألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) فقال: ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب وهو الجلد، ولا عصب، فدل على أن جلد الميتة لا يطهر بالدبغ، ولكن الحديث الأول أصح من هذا الحديث، والحديث الثاني مضطرب إسناده ومتنه، والعمل على عدم ثبوته.
وبناء على ذلك نقول: إن جلد الميتة يجب رده، إذا كان جلد الميتة مما يمكن دبغه ومما أذن بدبغه من بهيمة الأنعام وما في حكمها، على التفصيل الذي قدمناه في الطهارة، فيجب ضمانه ويكون طاهراً بالدباغ، ويضمن من أتلفه إذا أتلفه بالغصب.