حكم تضمين العامل إذا أتلف شيئاً على الزبائن

Q لي محل لإصلاح الأجهزة، فأتلف العامل جهازاً لأحد الناس على وجه الخطأ، فمن الذي يضمن، العامل أم صاحب المحل؟

صلى الله عليه وسلم هنا أمران: الأمر الأول: الأجير أو العامل في المحل تارة يكون عاملاً عند صاحب المحل بالأجرة، وتارة يكون شريكاً معه، وهذا يقع على اختلاف العلماء في مسألة الشراكة، إذا كان العامل الذي في الدكان يعمل ويأخذ أجرة شهرية، فصاحب الدكان يتحمل ضرر العامل الذي لم يخرج فيه عن أصول المهنة، وكل ضرر يقع من العامل بدون تفريط أو خروج عن أصول المهنة يضمنه صاحب المحل؛ لأن صاحب المحل يأخذ ربح المحل فيتحمل الخسارة التي تقع في المحل على القاعدة التي ذكرناها.

لكن لو أن العامل تساهل فحمل الزجاج ويده مبللة فسقط وانكسر، نقول: يضمن العامل؛ لأن المباشرة تسقط حكم السببية، وعلى هذا فقد باشر العامل الإتلاف بتفريط، وذلك عن طريق حمل هذا الشيء بطريقة محتملة للضرر ولم يتعاط أسباب المحافظة، وهذا تقصير وإهمال، ولو أن العامل جاء لكي يضع الغطاء على الشيء الذي أصلحه فوضعه بقوة فكسره أو أتلفه أو عطل شيئاً فيضمن العامل؛ لأن فعله وطريقة وضعه لا تتفق مع أصول المهنة، ولو جاء العالم بالأجهزة الكهربائية فشبكها -مثلاً- في الأفياش الكهربائية فاحترقت الأجهزة وكان هناك شيء في داخل الجهاز، نقول: إذا كانت أصول العمل عند الكهربائي أنه كان ينبغي عليه أن يفتش الجهاز الذي يريد إصلاحه فلم يفتش عن ذلك وجاء مباشرة وشغله حتى احترق فإنه يضمن لأن الاحتراق وقع بفعله، حينما أدخل هذا الفيش واشتعل الجهاز بسبب شبكه للفيش، فهو الذي باشر ويلزم بالضمان.

كل هذا فيه قواعد وثوابت تدور حول إهمال العامل وعدم إهماله، فإذا فعل العامل أي شيء لا نستطيع أن نقول: إنه مهمل أو غير مهمل إلا عن طريق أهل الخبرة، فإن كان العامل في الحدادة نرجع إلى الحدادين، النجارة النجارين، أي صنعة نرجع إلى أهل الخبرة فيها، وهذا شيء تكلم العلماء عليه كلاماً نفيساً، وهي مسألة: شهادة أهل الخبرة.

ومن قرأ الفقه الإسلامي يعلم عزة هذه الشريعة وعظمتها وسموها، ويدرك أن كل شيء وضعه العلماء والأئمة فهو في موضعه؛ لأن هذه الأحكام تفرعت وبنيت على شريعة كاملة، وما بني على التمام والكمال كان له حظ من ذلك الوصف، فالشيء الذي يبنى على قواعد يكون شيئاً مقرباً وثابتاً.

فالعامل إذا عمل شيئاً خلاف ما قرره أهل الخبرة نقول: عليك الضمان، إذا عمل عملاً ليس موافقاً لكلام أهل الخبرة، وإذا حصل شيء قضاء وقدراً فإنه يضمن صاحب المحل وعليه الضمان بالشرط الذي ذكرناه، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015