وجوب الضمان للعارية حتى ولو لم يوجد تفريط

Q هل تضمن العارية في حالة وقوع التلف أثناء الاستخدام حتى ولو لم يكن في استخدامه تعدٍٍ أو تفريط؟

صلى الله عليه وسلم إذا استخدم السيارة بدون تعدٍ أو تفريط وحصل تلف فهذا هو الذي فيه الخلاف، مثلاً: خرج بالسيارة من المدينة إلى جدة وفي الطريق حصل تلف في السيارة، فهذا التلف أهل الخبرة يقولون: ليس استعماله مؤثراً، إنما هو تلف عارض، فنقول في هذه الحالة: تضمن سواء كان التلف بسببك أو بدون سببك؛ لأنه إذا كان التلف بسببه فبالإجماع يضمن، ومحل الخلاف فقط: إذا كان التلف بغير سببه هل يضمن أو لا يضمن؟ والصحيح أنه يضمن لظاهر السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم.

هناك قاعدة دلت عليها السنة عن رسول صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة في سنن أبي داود، وهي مما أجمع العلماء على العمل بمتنها، وهو من الأحاديث التي تكلم في سندها وصح متنها، وقد قرر شيخ الإسلام وأئمة الحديث أن من السنة ما صح متنه وضعف سنده؛ فأغنت صحة متنه وشهرته بين العلماء عن طلب السند، لأن الأصول تصححه وتقويه، فلو كان سنده ضعيفاً فإن الأصول الشرعية تدل على ثبوته، كما لو جاء حديث ضعيف يأمر بالصلاة فضعف سنده لا يوجب رده وقد يكون المتن صحيحاً فنعمل بالمتن، لكن ضعف السند يمنعنا من نسبة الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهناك فرق بين القضيتين.

ولذلك تجد البعض يشنع على من يقول بأحاديث ضعيفة، فيغفل عن هذه القواعد والضوابط التي قررها أهل العلم رحمة الله عليهم، فإن الحديث إذا كان ضعيفاً وحكاه أهل العلم وأشاروا إلى ضعفه أو عزوه إلى من أخرجه، كان ذكره من باب الاستشهاد بالمتن الذي شهدت له الأصول.

يقول الإمام أحمد في حديث: (الخراج بالضمان) حديث عائشة الإجماع على العمل به، يعني: أجمع العلماء على العمل بمتنه، فهنا في العارية من الذي يأخذ المنفعة، من الذي يستفيد؟ المستعير، فنقول: تضمن هذه العين التي أنت آخذ منفعتها إذا حصل الضرر مدة الانتفاع.

فحتى مع أصول الشريعة القول الذي يقول بالتضمين يستقيم من جهة النظر، ويستقيم أيضاً من جهة الأثر للحديث الذي ذكرناه، فسواء فرط أو لم يفرط فهو ضامن حتى يرد العين كما أخذها، والله تعالى أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015