Q لو قال صاحب العمارة: إذا أردت أن تؤجر العمارة بعد استئجارها مني فلي نسبة من الأجرة، فما الحكم؟
صلى الله عليه وسلم ما فيها إلا الحرام فقط، الرجل إذا استأجر منك الدار فقد ملك منفعتها، بأي حق تقول له: إذا أجرتها للغير فلي نسبة خمسة في المائة؟! وذلك لأن هذا فيه محظوران: المحظور الأول: أنه إذا استأجر ملك المنفعة، وإذا ملك الشيء ليس من حقك أن تتدخل في ملكه.
ثانياً: أنك لو قلت: إنه إذا أجر للغير آخذ منه خمسة في المائة، فلا ندري بكم سيؤجر للغير، وحينئذ تصبح الأجرة المتفق عليها بين الطرفين الأولين وإن كانت معلومة، لكنها بدخولها هذا المجهول تصير مجهولة؛ ولذلك يدخل عليها الفساد من ناحيتين: الناحية الأولى: أنه باعه المنفعة ولم يبعه، كما لو قال له: أبيعك هذه الدار بمليون، فإذا بعتها لغيرك آخذ منك خمسة في المائة، وهذا لا يجوز؛ لأن الأصل الشرعي: أن من باع الشيء فقد ملكه المشتري، وحينئذٍ إذا جعل له يداً وقال له: آخذ منك نسبة أو آخذ منك ثمناً معيناً فهذا شرط ليس في كتاب الله ولا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويعتبر عند العلماء من الشروط التي تخالف مقتضى العقد؛ لأن مقتضى عقد الإجارة أن تملك المنفعة، وهذا صار لك شريكاً في المنفعة، فهو يقول لك: بعتك المنفعة وشاركتك: بعتك إذا كانت لك، وشاركتك إذا كانت لغيرك.
ولا يعرف في الشرع إجارة يملكك فيها منفعة من وجه، ويكون لك شريكاً من وجه آخر؛ أبداً، فإما أن يبيعه ألبتة، وإما أن يكون له شريكاً فيقول: بعتك نصف المنفعة وأنا شريك لك في النصف الآخر.
لكن أن يقول لك: بعتكها وملكتكها.
ويتم عقد الإجارة على الصفة الشرعية، ثم يقول: إذا بعتها للغير فلي خمسة في المائة، فلا يجوز لسببين: الأول: لأنه أكل للمال بالباطل، لأن شراءه للمنفعة يمكنه من أخذ قيمتها إذا باعها للغير كما ذكرنا.
الثاني: أنه لو جاز لكان بالمجهول، لأنه في هذه الحالة أدخل نسبة مجهولة على المبيع الأصلي، وهي الأجرة المدفوعة في المنفعة إذا كان يريد أن ينتفع بها لنفسه، وعلى هذا: لا يجوز أن يقول له: أجرتكها بكذا وكذا، فإن أجرتها لغيرك فلي خمسة أو عشرة في المائة.
وعليه أن يرد هذا المال إليه، وهو شرط باطل لا يستحق به المالك الأصلي شيئاً، والله تعالى أعلم.