وهذا النوع من العقود مشروع بدليل السنة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم: أما دليل السنة فقد روى الشيخان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها)، والمراد بهذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما فتح خيبر وأذعنت له يهود، قالوا: يا محمد! دعنا في هذه الأرض نقوم عليها ونصلحها ولنا جزءٌ من ثمرتها.
فنَظَر عليه الصلاة والسلام فوجد أن المصلحة تقتضي بقاءهم في خيبر، وقيامهم على النخل بالسقي؛ لأن الأنصار والمهاجرين سيرجعون معه إلى المدينة، ومن هنا رأى عليه الصلاة والسلام أن المصلحة في إبقاء النخل، يقومون على سقيه ورعايته فتخرج الثمرة ويبقى الأصل، ثم يأخذون جزءاً من الثمرة، وحينئذٍ تكون مصلحة الإسلام في المعاملة بهذا النوع من العقود، فأقرَّهم عليه الصلاة والسلام، ولما سألوه أن يبقوا في الأرض بقاءً مستديماً قال عليه الصلاة والسلام: (نقركم فيها ما أقركم الله)، أي: أننا نبقيكم وليس العقد مؤبداً، وإنما هو مؤقت إلى وقت أن يشاء الله عز وجل فنخرجكم منها، ولذلك نفذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأنجز وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبقاهم صدراً من خلافته، ثم أخرجهم عن خيبر وأجلاهم منها.
فالشاهد أن ثمر خيبر ونخلها كان يُحتاج إلى صيانته ورعايته، فأقرهم عليه الصلاة والسلام.