قال رحمه الله: [أو أفاق من جنون أو إغماء].
اختلف العلماء في المجنون: فقال بعض العلماء: المجنون إذا أفاق وجب عليه أن يغتسل، وكذلك المغمى عليه.
وقال بعضهم: لا يجب على المجنون غسل، والقول بوجوب الغسل على المجنون من القوة بمكان إذا تأتى منه خروج المني، أما إذا لم يتأتَّ منه خروج المني فيقوى القول بعدم الوجوب؛ لأنه لم يثبت فيه نص صحيح بالوجوب، ولذلك يقولون: إن المجنون إذا جنّ أو فقد عقله لم يأمن أن يخرج منه مني وهو لا يشعر، كما أن النائم إذا نام لم يأمن أن يخرج منه ريح وهو لا يشعر، فكما أن الشرع طالب النائم بإعادة وضوئه لوجود النوم الذي هو مظنة أن يكون فيه حدث، كذلك أيضاً الجنون أخذ حكم النوم في الإيجاب، هذا في الطهارة الصغرى وهذا في الطهارة الكبرى، لكن لماذا فرقنا بين كونه يتأتى منه أم لا؟ هذا مبني على نفس الدليل الذي استدل به، فإنك إذا قست الجنون على النوم في إيجاب الطهارة الكبرى قياساً على الإيجاب بالطهارة الصغرى فإنه يتعذر في النائم العلم بعلامة الريح، فلو خرج منه ريح لم يعلم، فوجب عليه الوضوء مطلقاً إذا نام، بخلاف المجنون فإن الخارج وهو: المني، له علامة وأمارة، ولذلك يفرق بين من كان يتأتى منه خروج المني ومن لا يتأتى فيه خروج المني، ويُنَزَّل المغمى منزلة المجنون.
قال رحمه الله: [بلا حلم سن له الغسل].
(بلا حلم) أي: بلا احتلام، (سن له الغسل) أي: لا يجب عليه، وهذا كما تقدم أن المجنون يغتسل -على القول بأنه يغتسل- فينزل السكران منزلة المجنون، فإذا قلنا: إن المجنون يغتسل فالسكران كذلك عليه الغسل، وفي حكم السكران من خُدِّر التخدير العام؛ لكن التخدير الموضعي لا يأخذ حكمه، والعلة في هذا كله زوال العقل.