(ومن غسل ميتاً) أي: قام بتغسيله، ويكون ذلك على صورتين: الصورة الأولى: أن ينفرد بتغسيله.
والصورة الثانية: أن يكون مع غيره، فإن انفرد بتغسيله فقول واحد -عند من يقول بوجوب الغسل عليه أو باستحبابه- وهو: أن عليه أن يغتسل، أما لو كان مع غيره فإنه يأخذ حكم الأصل؛ لأنه يصدق عليه أنه غسله؛ وبناءً على ذلك فإنه إذا غسل الميت منفرداً أو مشتركاً مع غيره فيجب عليه أن يغتسل على قول من يقول بالوجوب، لكن المصنف يميل هنا إلى القول بالسُّنية والاستحباب، وهو أصح الأقوال في هذه المسألة، وفي ذلك حديث جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه: (من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ) قال الإمام أحمد رحمه الله: لا يثبت في هذا شيء، والحديث ضعيف، وقد تكلم عليه الإمام الدارقطني -رحمه الله- في العلل، وتكلم عليه الحفاظ، والصحيح عدم ثبوته، وإن كان بعض العلماء قد يحسنه، لكن الضعف فيه من القوة بمكان، ويكاد يكون الجماهير على ضعفه، وخاصة المتقدمين منهم، فإنهم يقولون: إنه ضعيف، لكن على القول بثبوته أو أنه حسن فيحمل على الندب والاستحباب والأفضل، أي: من غسّل ميتاً فله أن يغتسل على سبيل الندب والاستحباب لا على سبيل الحتم والإيجاب.