قال رحمه الله: [بغير تجربة المبيع]: تجربة المبيع المراد بها أن يأخذ العينة يجربها هل هي صالحة له أو لا، بل إن بعض الخيارات في الشرط يقصد منها تجربة المبيع، فأنت مثلاً إذا باعك رجل سيارةً فقلت له: اشتريتها بشرط أن لي الخيار ثلاثة أيام، فإنك تنوي خلال الثلاثة الأيام أن تذهب بها إلى خبير يكشفها ويفحصها، وتسأل من له علم ومعرفة بالسيارات هل هذه القيمة تصلح وتليق لقاء هذا المبيع أو لا، فأنت تريد أن تشاور.
بل حتى خيار الشرط حينما نظرنا في حديث حبان رضي الله عنه، وجدناه مبنياً على المشاورة، فكونك تأخذ المبيع وتجربه هذا من حقك؛ لأن أصل الخيار إنما هو من أجل أن تختار خير الأمرين، وتنكشف لك حقيقة المبيع، هل هو مما يرغب فيه، أو مما لا يرغب فيه؟! وعلى هذا يجوز لك أن تجرب المبيع، فلو ركبت السيارة وأسرعت بها من باب تجربتها ومن أجل أن تفحص فيها سرعتها وما فيها من آلات هل هي مريحة أو غير مريحة فلك ذلك؛ لأن رؤية الشيء ليس كتجربته وعلى هذا: فلو أخذ القلم وكتب به، فهذه تجربة، وهكذا لو ركب السيارة فهذه تجربة، لكن بشرط أن يكون التصرف من المشتري في المبيع على وجه المعروف، فلو كان لا يحسن قيادة السيارة، وقادها وهو لا يحسن القيادة فأتلف ما فيها، أو تسبب في تعطيل بعض المصالح الموجودة في المبيع، فإنه حينئذٍ يضمن لو تصرف على هذا الوجه، ويجب عليه أن يصرف ذلك إلى من له خبرة وله معرفة، ويقول: يا فلان! جرب لي هذه السيارة، أو يا فلان جرب لي هذا المبيع، ولا يقوم بنفسه؛ ضماناً لحقوق الناس، وصيانة لها من الضرر.