Q إذا قال البائع للمشتري: اذهب واختر السلعة التي تريدها وأنا أشتريها لك وأقسطها عليك، فما الحكم في ذلك؟
صلى الله عليه وسلم هذا عين الربا، فإذا قال له: اذهب واشتر ما شئت من متاع أو سيارات وائتني بفواتيره، ثم يشتريها ذلك الشخص ثم يقسِّطها عليه، فهذا عين الربا، بدل أن يقول له: خذ مائة ألف وردها مقسطة بمائة وعشرة احتال بإدخال السلعة، ثم يتفق هؤلاء مع التجار على أنه إذا رفض المشتري أنهم يردون البضاعة، وقد يقول البعض: بأن هذا جائز؛ لأن الطرف الذي ذهب إليه المحتاج اشترى السلعة ولم يلزم الطرف المدين أو الذي يريد هذه السلعة بالعقد، وبناءً على ذلك خيّره، وقال له: إن شئت فخذ وإن شئت فدع، نقول: إن الشريعة ألغت صورة العقدين مع صحتهما ظاهراً لذريعة الربا.
مثال ذلك: بيع العينة، وصورتها: رجل جاء إلى تاجر فاشترى منه سيارة بمائة ألف مقسطة، فالسيارة قيمتها بالأقساط مائة ألف؛ لكن قيمتها بالنقد ثمانون ألفاً، فلما اشتراها بمائة ألف إلى أجل قال التاجر: أشتريها منك نقداً بثمانين، فإذا جئت تنظر إلى صورة العقدين فالأصل صحتهما، فالسيارة قيمتها الحقيقية بالأقساط مائة وقيمتها الحقيقية بالنقد ثمانون، فالأصل يقتضي أن العقد صحيح، لكن لما صُرفت السيارة للمشتري ثم عادت للبائع أُلغيت صورة العقدين، وصارت حقيقة الأمر كأنه أخذ النقد أي: الثمانين في مقابل المائة المؤجلة، فحرم الشرع هذا النوع من العقد، وألغى صورة العقد.
كذلك هنا لما كان البنك أو الشركة أو مَنْ يشتري ليس مراده أن يستفيد بالسلعة أصلاً، وإنما يشتريها بناءً على طلب وتحديد وتعيين، فلما وجدت الرغبة ووجدت الحاجة حينئذٍ توجه بالشراء، فلما اشتراها آل الأمر إلى أنه بدل أن يعطيه الثمانين المعجلة ويقول: ردها مائة مؤجلة أدخل السلعة حيلة وحينئذٍ يعتبر من بيوع الربا، وشبهة الربا فيه ظاهرة.
والله تعالى أعلم.