قال رحمه الله تعالى: [التسوك بعود].
(التسوك) صيغة تفعل من السواك أي: فعل السواك (بعود) هذا أحد وجهين عند العلماء رحمة الله عليهم، أن السواك المحمود شرعاً إنما يكون بالعود لا بغير العود، وذهبت طائفة من العلماء إلى أن السواك يحصل بالعود وبكل ما ينقي الموضع، كأن يستاك بخرقة أو بمنديل، قالوا: لأن مقصود الشرع هو إنقاء الموضع، ولهم دليل يدل على صحة قولهم في قوله عليه الصلاة والسلام: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن قوله: (مطهرة للفم) أي: أن السواك من شأنه أن يطهر، فدل على أن كل ما طهر يصدق عليه أنه سواك شرعي، وتوسط بعض المحققين -وهو اختيار بعض العلماء ومنهم الإمام ابن قدامة رحمة الله عليه في المغني- فقالوا: يثاب على قدر ما يصيب من السنة في النقاء، ولا يأخذ فضل السنة كاملة إذا استاك بخرقة أو بمنديل، لكن يكون له فضل، كما لو فقد العود وأراد أن يستاك بمنديل، وهذه المسألة مشهورة ولها نظائر: منها: إذا فقد الإنسان الوصف الكامل في الهدي، وتحصل له بعض الوصف فإنهم يقولون: ينال من الأجر على قدر ما حصل من مقصود الشرع؛ لأن مقصود الشرع النقاء والنظافة، فلما حصل النقاء والنظافة تحقق المراد من السواك، قالوا: فيثاب لموافقته للشرع من هذا الوجه، لأنهم قالوا: الأثر وصورة المؤثر، فإذا لم يجد صورة المؤثر -وهو السواك- فقد وجد حقيقة الأثر، فيثاب لحقيقة الأثر دون صورة المؤثر، وبناء على ذلك: ينال من الأجر على قدر ما أنقى ونظف من الموضع، ولهذا الوجه قوته.