قال رحمه الله تعالى: [فإن نقصوا قبل إتمامها استأنفوا ظهراً].
لو قلنا: يشترط في صحة الجمعة أن يحضرها أربعون رجلاً.
فحضر الأربعون ثم أحدث أحدهم وقام فإنه يكون عددهم تسعة وثلاثين رجلاً، أي: دون النصاب المعتبر، فحينئذٍ يستأنفونها ظهراً، فإن رجع وأرادوا أن يجمِّعوا فلا حرج عليهم في ذلك.
فمراد المصنف أن اشتراط العدد مستصحب، فليس اشتراط الأربعين موقوفاً على الابتداء.
وقال بعض العلماء: العبرة بالابتداء، فلو ابتدأ بهم وهم أربعون ثم نقصوا أثناء الخطبة عن الأربعين صحت الجمعة وأجزأت.
واحتجوا لذلك بحديث التجارة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يخطب، وقدمت العير من الشام قاموا عن النبي عليه الصلاة والسلام وتفرقوا حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقطع خطبته ولم يستأنف جمعته ظهراً، فدل على أنه إذا ابتدأ الإمام الصلاة بالناس وهم على العدد المعتبر، ثم طرأ نقص بعد ذلك عن النصاب المعتبر فذلك لا يؤثر في الجمعة، ولا يلزمهم أن يستأنفوها ظهراً.
وهذا المذهب قوي من جهة الدليل.
وقد بيّنا أن العبرة في العدد بثلاثة للأصل الذي ذكرناه من حديث السنة.