وقوله: [ويسن قطعه على وتر].
أي: قطع الخارج على الوتر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث أبي هريرة في الصحيحين: (ومن استجمر فليوتر) للعلماء في قوله عليه الصلاة والسلام: (من استجمر فليوتر) قولان: القول الأول: (من استجمر) أي: قطع الخارج من بولٍ أو غائط فليوتر، وسنبين معنى ذلك.
القول الثاني: (من استجمر) أي: من تطيب بالبخور فليوتر؛ لأن البخور يسمى بذلك، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في أهل الجنة -جعلنا الله وإياكم منهم- قال: (مجامرهم الألوة).
فالاستجمار يقال: إن المراد به التطيب، وهذا قول بعض أهل اللغة، ونسب إلى إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمة الله عليه، ولذلك قالوا: يسن إذا أخذ الرجل في تطييب الناس بالبخور أن يطيبهم مرة أو ثلاثاً أو خمساً، وإذا تطيب الإنسان تطيب على وتر، هذا على القول الثاني.
والأفضل أن الإنسان يجمع بين الاثنين، فإن استجمر في بول أو غائط قطع بالوتر، وإن استجمر بطيب قطع بوتر، حتى يكون من السنة على كلا القولين، وهذا هو ما ننبه عليه دائماً في المسائل الخلافية، في تفسير أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي لها فضائل للإنسان، فالمسلم يحاول أن يكسب الفضيلة ولو اختلف العلماء فيها، ويحاول أن يحصل الفضل على أتم وجوهه وأكملها.
الشاهد: أن المصنف هنا قال: (يسن قطعه على وتر) فلو أن إنساناً تبول ثم أراد أن يقطع البول فأخذ الحجر الأول فاستجمر به، ثم أخذ الحجر الثاني فاستجمر به، فانقطع البول عند الحجر الثاني، فعلى القول بأن الثلاث واجبة يلزمه حجر ثالث، وحينئذٍ لا إشكال، لكن لو فرض أنه استجمر بالحجر الأول والثاني والثالث ولم ينقطع البول ثم استجمر بالرابع فانقطع، فإذا انقطع بالرابع فإنه يضيف حجراً خامساً طلباً للسنة، وهذا هو معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (ومن استجمر فليوتر).
وكذلك أيضاً بالنسبة للغائط، يجعل حجرين لطرفي الصفحتين، وحجراً لحلقة الدبر، ثم إذا انقطع الخارج من حلقة الدبر بالثلاث فلا إشكال، لكن لو انقطع بالرابع فيضيف خامساً للحلقة.