- الثاني: أن المعنى الذي لأجله أباح الشارع للمسافرأن يتنفل إلى غير القبلة لا يوجد في الراكب داخل الأمصار.
وهذا المعنى هو: أن الراكب المسافر يكثر ركوبه ويطول فلو مُنِعَ من النافلة لأدى هذا إلى تركه النافلة وقتاً طويلاً.
وهذا المعنى لا يوجد في الراكب داخل الأمصار.
= والقول الثاني: جواز التنفل إلى غير القبلة حتى ولو كان داخل المدينة من غير سفر.
وأيضاً استدلوا بدليلين:
- الأول: قياساً على الراكب في السفر.
- الثاني: أن هذا كان يفعله الصحابي الجليل أنس - رضي الله عنه -.
والراجح بلا إشكال إن شاء الله أنه لا يشرع أن يتنفل إلى غير القبلة وأن الصلاة لا تصح إن صلى داخل المدينة إلا غير القبلة ولو راكباً.
والجواب على فعل أنس - رضي الله عنه - مع وجوب تعظيم الآثار أن نقول:
هناك قاعدة مهمة لطالب العلم أن الإنسان يتقبل الآثار المروية عن الصحابة ويستدل بها ويقف عندها لا سيما إذا رويت من أكثر من وجه: ما لم يوجد ما هو أرجح منها.
فإن وجد ما هو أرجح منها قدم.
من أمثلة ما يكون أرجح منها:
- هذه المسالة:
- لأن هذه المسألة تتعلق بكون النبي - صلى الله عليه وسلم - وجد السبب ولم يفعل هذا الفعل.
- ولأن الحاجة إليه كثيرة في الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفي باقي الصحابة.
وإذا لم ينقل عن أحد منهم مطلقاً أنه فعل هذا الفعل إلا أنس دل على أنه شيء رآه يخالف ما عليه الباقين.
فهنا لا نستدل بأثر هذا حاله: يعني من مخالفته ظواهر حال الصحابة مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - كذلك مخالفته الأصول فإنه من الأصول المتقررة وجوب استقبال القبلة. فهذا الأصل الكبير الذي دلت عليه نصوص عديدة لا نتنازل عنه إلا بشيء مثله في القوة.
ثم أكمل المؤلف - رحمه الله - الحديث عن هذه المسائل:
• فقال - رحمه الله -:
ويلزمه افتتاح الصلاة إليها.
إذا أراد الإنسان أن يتنفل في السفر فيجب عليه:
= عند الحنابلة إذا أراد أن يكبر أن يستقبل القبلة ثم يكبر ثم ينصرف عن القبلة ويتم صلاته.
ولكن هذا مشروط عند الحنابلة - أيضاً - بالإمكانية: أن يمكنه أن يفعل ذلك.
فإن لم يمكنه أن يستقبل القبلة عند افتتاح الصلاة لم يلزمه قولاً واحداً عند الحنابلة.