والثاني: من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس وقد دل على حديث أبي سعيد المتقدم: (لا صلاة بعد الصبح) وفي رواية مسلم: (لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس) .
قال: (ومن طلوعها حتى ترتفع قيد رمح)
هذا هو الوقت الثاني من أوقات النهي، وقد دل عليه حديث عقبة المتقدم وفيه: (وحين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع) وفي بعض الروايات: (قيس رمح) أي برأي العين.
قال: (وعند قيامها حتى تزول)
وهذا الوقت الثالث: إذا قام قائم الظهيرة، واستقل الظل بالرمح فكان ظل الشاخص محتسب ولم تزل الشمس بعد، وهذا لحظات يسيرة قد تقع التحريمة للصلاة فيها.
* وظاهر كلام المؤلف أن ذلك مطلقاً فيدخل في ذلك يوم الجمعة.
وهذا هو المشهور في المذهب.
وذهب الشافعية: إلى استثناء يوم الجمعة من ذلك.
واستدلوا: بما رواه أبو داود وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[قال] مستثنياً من هذا الوقت: (إلا الجمعة) من حديث أبي قتادة لكن الحديث إسناده ضعيف جداً.
ومع ذلك فالراجح مذهب الشافعية لأدلة أخرى، فمن ذلك: ما ثبت في البخاري وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم -[قال] فيمن ذهب إلى الجمعة (فصلى ما كتب له) ولم يستثن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك شيئاً.
وهو ما كان يفعل في زمن عمر بمحضر المهاجرين والأنصار كما روى ذلك مالك في موطئه عن كعب القرظي قال: (كان الناس يصلون قبل الجمعة في زمن عمر حتى يقوم الخطيب) هذا من جهة الأثر.
وأما من جهة المعنى، فإن هذا الوقت كما تقدم، وقت يسير وملاحظته - في مثل يوم الجمعة في اجتماع الناس وقد يكونون في أماكن مظللة ونحو ذلك - فيه مشقة فعُفي عنه في يوم الجمعة للمشقة الحاصلة في تتبعه.
قال الحنابلة: لا ينهى عن الصلاة حتى يثبت له الوقت المنهي عنه، أما إذا كان شاكاً فلا بأس وحينئذٍ يندفع ما ذكرتموه من مشقة انتظار ذلك الوقت والنظر فيه.