وأما دخول ما بين الأذان والإقامة في وقت النهي فلما ثبت في المسند وسنن أبي داود والترمذي وغيرهم والحديث صحيح بشواهده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا تصلوا بعد الفجر إلا ركعتي الفجر) أي إلا سنة الفجر.

وقال الشافعية والمالكية: بل وقت النهي من بعد صلاة الفجر فلا يدخل فيه ما بين الأذان والإقامة.

لأن الحديث المتقدم فيه: (لا صلاة بعد صلاة الصبح) وظاهر الحديث أن ما كان قبل الصلاة فلا ينهى عن الصلاة فيه – وهو مفهوم مخالفة له -.

ولما ثبت في مسلم من حديث عمرو بن عَبَسَة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (صل صلاة الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع بين قرني شيطان وحينئذٍ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح ثم اقصر عن الصلاة فإنَّ حينئذٍ تُسْجَر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصلِّ فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلى العصر ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذٍ يسجد لها الكفار) [صحيح مسلم بشرح النووي: 6 / 116]

والشاهد قوله: صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة. قالوا: فهذا الحديث يدل على أن وقت النهي أوله صلاة الصبح.

والراجح: القول الأول للحديث الصحيح: (لا تصلوا بعد الفجر إلا ركعتي الفجر) .

وثبت في الصحيحين عن حفصة قالت: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا طلع الفجر لم يصل إلا ركعتين خفيفتين)

فهذان الحديثان دلالتهما دلالة منطوق، وأما ما ذكروه فإن غايتها النهي عن الصلاة بعد صلاة الصبح وليس فيها إلا مفهوم المخالفة، ولا شك أن دلالة المنطوق مقدمة على دلالة مفهوم المخالفة.

ولنا أن نقول: إن أوقات النهي ستة:

الأول: بين أذان الفجر وصلاتها وقد دل عليه حديث أبي داود المتقدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015