ومبنى من قال بمشروعيتها في الصلاة: أن سببها التلاوة فإنها سجدة مشروعة عند التلاوة لا مطلقاً كما في سجدة الشكر، بل عند التلاوة فهي مرتبطة بها، والتلاوة من الصلاة.
وهذا في الحقيقة قول قوي وقد قال تعالى: {فخر راكعاً وأناب} والركوع هنا هو السجود باتفاق المفسرين، فهذه الآية هي سبب السجدة، فهي وإن كان النبي - صلى الله عليه وسلم - سماها سجدة شكر وسماها ابن عباس سجدة اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسجدها عند قراءة هذه الآية فهذا يدل على أنها تشرع عند التلاوة أي مشروعة عند التلاوة.
وأما كونها سجدة شكر فهو معنى من معانيها فليس مستقلاً بالسببية بل هناك سبب التلاوة، فيقتدي به عند تلاوتها فيسجد، وهي سجدة للاقتداء وهي متصلة بالتلاوة والتلاوة من الصلاة فليست بخارجه عنها فحينئذ تكون مشروعة لا تؤثر في الصلاة – فالأدلة متجاذبة في هذه المسألة.
والأحوط للإمام ألا يسجد عندها فإن سجد عندها فالأظهر أنه لا بأس بذلك كما هو مذهب الأحناف والمالكية وهو قول في المذهب.
مسألة:
هل يشرع عند سجود التلاوة القيام، بمعنى إذا قرأ بالسجدة قام فسجد؟
المشهور في المذهب وهو وجه عند الشافعية: أنه يشرع له أن يسجد عن قيام، وهو اختيار شيخ الإسلام ورواه البيهقي عن عائشة.
والوجه الثاني عند الشافعية واختاره النووي وغيره: أن ذلك لا يشرع وأن الأثر عن عائشة ضعيف لجهالة بعض رواته.
واستدل من ذهب إلى مشروعية ذلك بقوله تعالى: {ويخرون للأذقان سجداً} {خروا سجداً وبكياً} والخرور إنما يكون عن قيام ونحوه لا عن قعود.