ومما يدل عليه أيضاً: ما ثبت في الحاكم بإسناد حسن من حديث علي ومن حديث جبير بن مطعم والحديثان إسنادها حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كان يصلي الضحى) .
ومن حديث جابر في المستدرك بإسناد حسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كان يصلي الضحى ست ركعات) .
وهذا الأحاديث وإن دلت على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى فإنها لا تدل على المحافظة، كيف وقد نفى ذلك من هو أعلم الناس به عليه الصلاة والسلام وهي عائشة، وقد نفاه من هو من أتبع الناس لسنته وهو ابن عمر فقد ظن ظناً غالباً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصليها، فهو نفي منه للرؤية والسماع.
لكن هذه الأحاديث وإن دلت على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يحافظ عليها فإنها لا تدل على أن أصل المحافظة غير مستحب، فقد ثبت عن عائشة قالت: (ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسبح سبحة الضحى وإني لأسبحها وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم) .
فهنا عائشة كأنها تستدل على استحباب المحافظة والمداومة على صلاة الضحى بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - – وإن لم يكن يحافظ عليها فإنه - كان يدع العمل خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم. والأحاديث القولية المتقدمة تدل على استحباب ذلك مطلقاً.
فالأظهر استحباب المداومة عليها.
وأما كون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحافظ فعلاً، فإنه قد حث عليها قولاً في الأحاديث المتقدمة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم.