القول الثاني، وهو اختيار طائفة من الحنابلة كالمجد ابن تيمية والقاضي وغيرهما قالوا: باستحباب المداومة عليهما.
استدل من لا يرى استحباب المداومة: بما ثبت من الأحاديث التي تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يحافظ عليها.
ممن ذلك ما ثبت في الصحيحين: أن ابن عمر سئل: (أتصلي الضحى؟ قال: لا، فقيل:فعمر؟ قال: لا، فقيل: أبو بكر؟ قال: لا، قيل: فرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: لا إخاله) أي لا أظنه.
ومن ذلك: ما ثبت في الصحيحين عن عائشة قالت: (ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسبح سبحة الضحى وإني لأسبحها) .
وثبت في الصحيحين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (ما حدثني أحد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الضحى إلا أم هانئ) – الحديث وسيأتي تمامه –.
قالوا: فهذه الأحاديث تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ظاهراً يحافظ عليها، بل ظاهر هذه الأحاديث أنه لم يكن يصليها.
أما القائلون باستحباب المداومة فاستدلوا: بالأحاديث التي تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصليها، فمن ذلك:
ما ثبت في مسلم – عن عائشة: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الضحى أربعاً ويزيد ما شاء الله) .
والجمع بينه وبين حديثها المتقدم: أن الحديث الأول فيه نفي الرؤية، أما هذا الحديث فهو رواية، فهي تروي عن غيرها ممن حدثها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الضحى، ولم تنسب ذلك إلى رؤيتها، وإنما نسبت إلى رؤيتها نفي ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهو فعلها فقد ثبت في الموطأ بإسناد صحيح أن عائشة: (كانت تصلي الضحى ثماني ركعات وتقول: لو نُشر أبواي ما تركتهما) فهذا فيه تمام محافظتها ومداومتها على صلاة الضحى.