فقد ثبت في أبي داود من حديث ابن عباس قال: (قنت النبي - صلى الله عليه وسلم - شهراً متتابعاً في صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر إذا قال: سمع الله لمن حمده، دبر كل صلاة مكتوبة يؤمن من خلفه) .
ففيه أن القنوت مشروع في كل الصلوات المكتوبة، لذا قال المؤلف هنا: " فيقنت الإمام في الفرائض " فهو عام في الفرائض كلها.
وثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة: (القنوت في الظهر العشاء والفجر) . وثبت في البخاري من حديث أنس: (القنوت في المغرب والفجر) ، ونحوه من حديث البراء بن عازب في مسلم في قنوت المغرب والفجر.فهذه أربع صلوات ثبتت في الصحيحين أو أحدهما.
وأما العصر فقد ثبت فيما تقدم من حديث ابن عباس في سنن أبي داود وهو جامع للصلوات الخمس.
والظاهر أنه يجهر بالقنوت مطلقاً سواء كانت الصلاة جهرية أم سرية.
وقد صرح بعض الحنابلة بخلاف ذلك وأنه يجهر فيما يجهر به من الصلوات.
وأطلق بعضهم، وظاهر إطلاقه أنه يجهر بها كلها، وهو الظاهر لحديث ابن عباس المتقدم: (دبر كل صلاة مكتوبة يؤمن من خلفه) فظاهره أنه قد رفع صوته وجهر به فسمعه من خلفه فأمَّن.
فعلى ذلك لو قنت في صلاة الظهر أو العصر فإنه يجهر بالقنوت.
قوله: (غير الطاعون)
- المشهور في المذهب: أن الطاعون لا يشرع فيه القنوت، وذلك من وجهين:
الأول: أنه قد وقع في عهد الصحابة، كما وقع في عهد عمر في ناحية الشام فلم يثبت أنهم قنتوا.
الثاني: أنه شهادة، وثبت في البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (الطاعون شهادة لكل مسلم)
- والمشهور عند الشافعية القنوت في الوباء من طاعون وغيره أي مشروعية ذلك.
ويُجاب عما استدل به الحنابلة من الوجهين:
أما كونه لم يثبت لنا عن الصحابة وأن عدم النقل ليس نقلاً للعدم، فلا يقضي أنهم لم يفعلوه.