والمالكية والشافعية – كما تقدم – يستحبون القنوت في صلاة الفجر، لكن بينهم فيه اختلاف.

فمذهب المالكية: أنه مشروع قبل الركوع سراً.

ومذهب الشافعية: أنه مشروع بعده جهراً.

واختلفوا أيضاً: في اللفظ الذي يقنت به.

فالمشهور عند الشافعية أنه يقنت بحديث الحسن بن علي: (اللهم اهدني فيمن هديت) وهو قول ظاهر الضعف، لأن الحديث إنما ورد في قنوت الوتر ولم يثبت في قنوت الصلاة.

وذهب المالكية إلى القنوت بما ورد عن عمر - رضي الله عنه -، فقد روى البيهقي بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن أبزى أنه صلى خلف عمر - رضي الله عنه - صلاة الفجر فسمعه يقول: قبل الركوع وبعد القراءة: (اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد " أي نسارع " نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك في الكفار ملحق، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع من يكفرك)

فبه استدل المالكية على استحبابه سراً وعلى أنه قبل الركوع لفعل عمر فإنه قد قنت قبل الركوع سراً لأنه لم يظهر من عمر بل سمع منه.

وهذا الأثر يحمل على أنه من قنوت النوازل كما تقدم.

أما قنوت النوازل فهو مشروع، كأن تقع بالمسلمين نازلة من تسلط عدو ونحو ذلك، للحديث المتقدم من حديث أنس وحديث أبي هريرة الذي فيه: (اللهم أنج الوليد بن الوليد…الحديث) .

واعلم أن السنة أن يكون بعد الركوع بعد قوله: " سمع الله لمن حمده " لرواية في الصحيحين للحديث المتقدم: (أنه كان يقول ذلك بعد الركوع بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده) .

فإن كان قبل الركوع فلا بأس للأثر المتقدم عن عمر، مع أنه قد صح عن عمر في البيهقي أنه (قنت بعد الركوع ورفع يديه وجهر بالدعاء) .

ويدعو بألفاظ منبعثة عن هذه النازلة التي وقعت على المسلمين.

واعلم أن قنوت النوازل ليس خاصاً في صلاة الفجر بل عام فيها وفي غيرها من الصلوات المكتوبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015