فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) (?) أي ليلقين الله في قلوبكم العداوة والبغضاء ومثل هذا لا يقال إلا فيما كان محرماً، ويفسره الرواية المتقدمة في أبي داود: (أو ليخالفن الله بين قلوبكم) (?) فهذا يدل على أن تسوية الصفوف واجبة إذا لا يترتب مثل هذه العقوبة إلا على أمر واجب وتركه محرم.
فإذا ثبت وجوب ذلك: فمثل ذلك على الراجح – وهو مذهب الظاهرية -: أن ترصَّ الصفوف بعضها ببعض فلا يكون بين الصفوف إلا ما يكفي المصلين لإقامة ركوعهم وسجودهم، فيجب أن تكون قد اتصل بعضها ببعض ولا يكون بين كل صف وصف مسافة زائدة على ما يحتاج إليه المصلي لإقامة ركوعه وسجوده.
يدل على ذلك: ما ثبت في أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق والذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يتخلل بين الصفوف كأنها الحذف) (?) وهي صغار المعز.
ففيه الأمر بأن تقارب الصفوف بعضها إلى بعض لقوله: (وقاربوا) .
وذلك – أي ما يكفي المصلي لركوعه وسجوده ذلك - بنحو ثلاثة أذرع.
وقد وردت أحاديث تدل على وجوب تسوية الصفوف: