وفي سنن أبي داود – وأصله في الصحيحين – من حديث النعمان بن بشير: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل علينا بوجهه فقال: (أقيموا صفوفكم ثلاثاً – ثم قال: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم) قال: فكان الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه) (?) .
فالإطلاق المتقدم في رواية البخاري من قول أنس من قوله: (وقدمه بقدمه) هنا قد ثبت التصريح بأن ذلك في الكعب.
وهذا ظاهر في أول الصلاة وأن الواجب أو المشروع للمصلين أن يتراصوا في الصف بأن يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبته وكعبه بكعبه – والأحاديث فيه واضحة –.
وأما بعد ذلك فالأظهر – ولم أر لأحد من أهل العلم في هذه المسألة كلام، والأظهر -: أن يكون ذلك من غير مشقة، ومعلوم أن متابعة ذلك في كل ركعة من ركعات الصلاة فيه مشقة بخلاف التراص فإنه لا مشقة فيه.
ففي آخر الصلاة لا يبقى ذلك مشروعاً في حقه لثبوت تراص فيما تقدم، ومثل هذا فيه إلحاق مشقة وكلفة.
وظاهر قوله (وتسوية الصفوف) أن ذلك مسنون وهذا مذهب جمهور العلماء وحكى إجماعاً.
لكن هذا فيه نظر، فقد ذهب شيخ الإسلام ووجَّه ذلك صاحب الفروع وهو مذهب الظاهرية ومذهب الإمام البخاري: أن ذلك واجب والأدلة دالة على ذلك.