فإن صلى إلى الجهة الأخرى مقلداً فلا تصح صلاته، لأنه صلى إلى ما يعتقد أنه غير القبلة، فهو يعتقد أن القبلة في الناحية الأخرى – وهو من أهل الاجتهاد -، لأنه توجه إلى غير القبلة في اعتقاده.

لكن هل يقتدي أحدهما بالآخر أم لا؟

قولان لأهل العلم:

1- القول الأول وهو مذهب الشافعية وهو المشهور في المذهب: أنه لا يجوز أن يأتم أحدهما بالآخر.

قالوا: لأنه يعتقد خطأ اتجاهه، وحيث كان يعتقد خطأ اتجاهه فلا يجوز أن يصلي خلفه.

2- وقياس المذهب كما قال ذلك الموفق: أن الصلاة صحيحة. وهذا هو الظاهر.

فالراجح أن الصلاة صحيحة إذا ائتم بعضهم ببعض؛ لأن كلاً منهما يعتقد صحة صلاة الآخر.

وهذا كصلاة من يعتقد النقض بنقض [من] (?) نواقض الوضوء خلف من لا يعتقد ذلك فإنه يعتقد خطأه في هذه المسألة ولكنه يعتقد صحة صلاته – وفي هذه المسألة كذلك، وحيث اعتقد خطأه في اتجاهه لا يبرر ذلك عدم ائتمامه.

فالراجح: ما رجحه الموفق وقال إنه قياس المذهب من أن الائتمام صحيح؛ لأن كلا منهما يعتقد صحة صلاة الآخر.

قال: (ويتبع المقلد أوثقهما عنده)

ظاهره وجوباً وهذا هو المشهور في المذهب.

والقول الثاني في المذهب: أن ذلك ليس على هيئة الوجوب بل الأولى له أن يقلد الأوثق وليس ذلك واجباً عليه.

حجة أهل القول الأول: قالوا: إن هذا هو الأقرب للصواب، فلما كان الأقرب للصواب وجب التزامه.

وحجة أهل القول الثاني: أن كليهما دليل بمفرده يجوز أن يقلد لو لم يعارض، وحيث كانا كذلك فهما كالمجتهدين في المسائل الشرعية لا يجب على المقلد أن يقلد أوثقهما ولا أورعهما؛ لأن الله لم يوجب ذلك، بل أوجب عليه أن يسأل أهل العلم ولم يوجب عليه أن يسأل أعلمهما أو أوثقهما أو أورعهما، وللمسلم أن يقلد من العلماء خلاف الأوثق ما لم يكن ذلك عن هوى وشهوة لعموم قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر} (?) وهذه كتلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015