وذهب بعض أهل العلم، وهو مذهب الشافعية: إلى أنه لا يجب على الفور، بل يسن أن يكون فوراً ولا يجب، فتبقى في ذمته، فمتى صلاها أجزأه ذلك، لكن المستحب أن يصليها فوراً.
واستدلوا بما ثبت في الصحيحين من حديث عمران بن حصين في نوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عن صلاة الصبح، ,فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (لا خير، ارتحلوا، فارتحل ثم نزل فتوضأ فنودي بالصلاة، فصلى بالناس) (?) .
وثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة في نومه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في سفر عن صلاة الغداة، قال: (ليأخذ كل رجل فيكم برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان، ففعلنا ثم دعا بالماء فتوضأ ثم سجد سجدتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة) (?) .
قالوا: فهذا يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل صلاة الفجر وقد فاتته إلا بعد أن ارتحل ثم نزل.وهذا على وجه التراخي.
والراجح ما ذهب إليه أهل القول الأول.
والجواب على استدلال أهل القول الثاني: أن يقال: إن هذا الحديث قد وقع فيه التأخير لمصلحة الصلاة، فإن هذا موضع غفلة وحضر فيه الشيطان، فمن مصلحة الصلاة وتمامها وتمام خشوعها أن ينتقل لموضع آخر، فكان هذا لمصلحة الصلاة.
ومثله لو أخرها يسيراً لانتظار اجتماع الناس ليصلوها جماعة، فإذا احتاج هذا لوقت ليجتمع الناس عليها بالوضوء ونحوه، فيشرع ذلك؛ لأن هذا من مصلحتها.
إذاً: الراجح مذهب الجمهور، وهو وجوب ذلك على الفورية، ولكن تأخيرها لمصلحتها مشروع، كأن يكون ذلك لإقامتها جماعة أو للانتقال عن هذا الموضع الذي وقعت فيه الغفلة وحضر فيه الشيطان ونحو ذلك.