وحكاه ابن حزم عن عمر وابن عمر وسلمان وأنس بن مالك وابن مسعود ومحمد بن سيرين ومطرف بن عبد الله وعمر بن العزيز، قال: " ولا يعلم لهم مخالف " (?) .
وعمدة استدلالهم: أن القضاء يحتاج إلى أمر جديد به، وليس عندنا أمر جديد بقضاء الفائتة غير المعذور صاحبها، وأما الحديث الوارد المتقدم فإنه في المعذورين.
وكون الجمهور يقيسون غير المعذور على المعذور هذا قياس ظاهر البطلان؛ لأن هذا عاص لله بفوات الصلاة، وهذا غير عاص له، بل قد وقع ذلك منه على وجه يعذر به، فكيف يقاس عليه من أخرها متعمداً.
وهذا القول هو الراجح: وأن من ترك الصلاة عمداً حتى خرج وقتها فإنه لا يشرع له القضاء،بل يتوب إلى الله ويكثر من النوافل، فإن الله يقول يوم القيامة: (انظروا هل لعبدي من تطوع فأتموا به فريضته) (?) كما في المسند وغيره، فلا يقضيها إذاً؛ لأنه عمل ليس عليه أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيكون مردوداً على صاحبه، ولم يرد أمر جديد بالقضاء.
المسألة الثانية: فهي قوله " فوراً ": وأن الفوائت يجب قضاؤها فوراً. وهذا مذهب الجمهور. ودليلهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فليصلها إذا ذكرها) ، وظاهره أنه يصليها على وجه الفورية لا على التراخي، فقد أمره بالصلاة بمجرد الذكر، فمتى زال عنه النسيان أو استيقظ من النوم فيجب عليه أن يصلي الصلاة فوراً.