- وذهب الإمام الشافعي: إلى أن ذلك لا يستحب لمن صلى وحده بل ذلك خاص فيمن يصلون جماعة؛ لأنهم يحتاجون إلى الإبراد لتكون الطرق فيها شيء من الظل يستظلون به، وهذا على القول بأن العلة من الإبراد هي ما ذكروه.
ولكن هذا ليس بمسلم، فقد ذكر ابن رجب في شرح البخاري: أن أهل العلم قد اختلفوا في المعنى الذي من أجله شرع الإبراد فقيل: هو لتمام الخشوع في الصلاة، فمن صلى في شدة الحر يكون خشوعه ليس كما لو كان في وقت الإبراد.
وقيل: لتنفس جهنم – كما ثبت في الصحيحين – وهذا أمر معنوي، فلما كان ذلك وقت تنفس جهنم ناسب تأخير العبادة – وهذا المعنى يبقي الأمر على ما تقدم.
والمعنى الثالث: كما ذكره الشافعي من أنه يكون للحيطان ظل يستظلون به.
والراجح هو شمول مشروعية الإبراد لهذه المعاني كلها لنفس جهنم ولأن الخشوع يكون ليس كما لو كان في ذلك الوقت وكذلك لوجود الحر الشديد في الطرقات، فلهذه المعاني كلها شرع الشارع هذا الحكم – وحينئذ-: يبقى الحكم على ما ذهب إليه الإمام أحمد وغيره وأن الإبراد مشروع سواء صلوا متفرقين أو مجتمعين.
قال: (أو مع غيم لمن يصلي جماعة)
فإذا كان ثمت غيم فيشرع التأخير، وعللوا ذلك باحتمال المطر واحتمال الريح، فوجود الغيم مظنة ذلك فقالوا: يشرع تأخيرها إلى قبيل وقت العصر بحيث يمكث الناس بعد صلاة الظهر يسيراً فيؤذن العصر ثم يصلون العصر في أول وقتها، فيكون ذلك جمعاً صورياً.
وحينئذ: لا يكون هذا المعنى خاصاً لصلاة الظهر والعصر بل كذلك في المغرب والعشاء، فتؤخر المغرب إلى آخر وقتها وتصلى العشاء في أوله – فهذا جمع صوري.
والجمع الصوري جائز مطلقاً، ولكن هل هو مستحب في مثل هذه الحال؟
القول باستحبابه قول جيد وهو مذهب الإمام أحمد في المشهور عنه ومذهب أبي حنيفة – خلافاً للشافعي ومالك – حيث قالوا: السنة أن تصلى في وقتها لعمومات الأدلة الشرعية.