وقد ثبت في الصحيحين عن أبي ذر الغفاري قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أبرد) ثم أراد أن يؤذن فقال له: (أبرد) حتى رأينا فيء التلول) (?)

والتلول: جمع تل، وهو ما يكون على ظهر الأرض من المجتمع من رمل أو تراب، وهذا في الحقيقة لا يظهر له الفيء إلا بعد فوات شيء كثير من وقت صلاة الظهر حتى يدنو وقت العصر، حتى ثبت في البخاري: (حتى ساوى الظل التلول) .

إذن: لم يحضر وقت العصر لأنه لابد أن يساويه ويساوي الظل الذي كان لها قبل الزوال فإنه يدل على أنه صلاها قبل دخول وقت صلاة العصر، فهذا تأخير ظاهر فيها.

فإذا انكسر الحر وبرد الجو فإنه يشرع له أن يصلي، وقد تقدم حديث البخاري: (كان إذا كان البرد عجل، وإذا كان الحر أبرد) (?) .

قال: (ولو صلى وحده)

هنا مسألة وهي: هل هذا شامل لمن صلى وحده كما هو شامل لمن صلى جماعة؟

لا إشكال في أن من صلى جماعة فيشرع له الإبراد وهذا فيما إذا كانت الطرق متعرضة للشمس كما هو الغالب فلا إشكال في مشروعية مثل هذا.

وإنما الإشكال فيمن يصلي وحده، وكذلك قد يشكل هذا في هذه الأزمان فقد يوجد أماكن تكون الطرق فيها مغطاة عن الشمس، فهل يشرع في مثل هذه الحال الإبراد أم لا؟

قال هنا: (ولو صلى وحده) وهذا هو المذهب، وهو مذهب أبي حنيفة واختاره ابن المنذر وشيخ الإسلام وحكاه عن أهل الحديث وأن السنة تعزر ذلك ولا ندفعه وأن الجمهور على ذلك – هذا ما حكاه شيخ الإسلام – فذلك مستحب ولو صلى وحده (لعذر) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015