قالوا: لأن هذا الواقع الساقط مشكوك فيه هل هو إنسان أم لا، ومتى كان مشكوكاً فيه فإنه لا ينتقض الحكم الثابت عندنا وهو أنها مطالبة شرعاً بأحكام شرعية، والنفاس يمنعها من أداء الأحكام الشرعية، وإذا حكمنا أنه نفاس فهذا يعني إبراء ذمتها من ذلك، وهذا مجرد شك ولا ننتقل من الحكم الثابت بمجرد الشك، فيحتمل أن يكون قطعة إنسان.
أما إذا كانت النطفة متخلقة، وقد تبين فيه خلق إنسان فإن الحكم يثبت على ما تقدم، وهذا هو المشهور عند أكثر أهل العلم.
قال: (ويكره وطؤها قبل الأربعين بعد التطهر)
إذا طهرت بعد عشرة أيام من نفاسها – مثلاً – فإنها يكره وطؤها – كما روى البيهقي والدارمي وغيرهما – عن الحسن بن أبي الحسن البصري عن عثمان بن أبي العاص أن امرأته أتته وقد طهرت قبل الأربعين فقال: (لا تقربيني) (1)
قالوا: فهذا يدل على كراهية وطئها إذا طهرت قبل الأربعين هذا هو المشهور في المذهب.
- وذهب جمهور أهل العلم وهو رواية عن الإمام أحمد: أنه لا يكره ذلك.
إذن: هم متفقون على أنه لا يحرم، وإنما الخلاف في الكراهية فالحنابلة كرهوا ذلك.
والجمهور قالوا: بعدم الكراهية، قالوا: لأنها طاهرة ولها حكم الطاهرات، والكراهة حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل. والأثر ليس صريحاً في ذلك، فقد يكون تركه تورعاً أو احتياطاً أو خشية من عدم ثبوت الطهر أو نحو ذلك.
وهذا على القول بثبوت الأثر، وقد ذكر الحافظ أن الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص، فإذا ثبت هذا فإنه يكون منقطعاً.
ثم لو صح – فكما تقدم – ليس صريحاً في ذلك فقد يكون تركه احتياطاً لشبهة وقعت في طهرها أو نحو ذلك.
إذن: الراجح مذهب الجمهور ورواية عن الإمام أحمد وهو عدم كراهية ذلك.
قال: (فإن عاودها الدم فمشكوك فيه تصوم وتصلي وتقضي الواجب)
فإن عاودها الدم بصفته وهيئته في أثناء الأربعين.