ومثاله أيضاً: في المجروح، فإنه إذا توقف عنه الدم فإنه يبقى في موضع الدم قطرات – وقلنا: على المذهب بأن الدم من الآدمي نجس – فإن هذه القطرات التي تكون في موضع الجرح معفو عنها.
قال: (وعن أثر استجمار بمحله)
كما تقدم.
" بمحله ": أي موضع الاستجمار.
وأما إذا خرج بسبب عرق أو نحوه إلى الثوب فإنه لا يعفى عنه.
وهذا ضعيف، فإنه من المعلوم أن مثل هذا يقع غالباً كما يكون هذا في الاستجمار، فإذا وقع على الثوب المقابل لموضع الاستجمار فإنه لا حرج فيه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بغسله وهذه رواية عن الإمام أحمد اختارها ابن القيم والشيخ عبد الرحمن السعدي وغيرهما.
* وعند لفظة الدم:
اعلم أن جماهير العلماء على أن الدماء الأصل فيها النجاسة سوى ما دلت الأدلة الشرعية على استثنائه كدم الشهداء، وكدم مأكول اللحم البحري وكالدم الذي يكون في اللحم المذبوح وما يكون في العروق فإن هذا كله معفو عنه وأما سواه من الدم فإنه نجس – هذا مذهب جمهور الفقهاء -.
فعلى ذلك: دم الآدمي نجس، ودم مأكول اللحم البري كالشاة ونحوها نجس، وكذلك غيرها من الدماء.
واستدلوا: بقوله تعالى {قل لا أجد فيما أوحى إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس " أي نجس " أو فسقاً أهل لغير الله به}
أي لا أجد فيما أوحى إلى محرماً من الأطعمة إلا هذه الأربع وهي: الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير فإنها رجس، والرابع هو الفسق الذي أهل به لغير الله وهو ما خرج به عن طاعة الله وأمره وشرعه ولو حيدة بأن ذبح لغير الله، فهذه الأربعة هي المحرمة وقد دلت الأدلة الشرعية على عدم الاكتفاء بها، فقد ورد بعد ذلك آيات وأحاديث مدنية تدل على مزيد من المحرمات وسيأتي ذلك – في باب الأطعمة إن شاء الله –.