فما حكم الشارع بنجاسته كالروث مثلاً: قد تحول إلى رماد فلم يبق فيه ما في الروث من المعنى، وكذلك لم يبق فيه التسمية فهي مادة طاهرة، وكذلك الملح والتراب.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما بنى مسجده أمر بنبش ما فيه من قبور المشركين ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحمل التراب الذي حوله ومن المعلوم أن من الدم والصديد ما تحول إلى تراب – وهذا على القول بأن الدم والصديد نجس فيكون رد على المذهب ومن قال بقوله -.
فالراجح: مذهب أهل القول الثاني وأنه متى استحال إلى مادة أخرى فإن هذه العين تكون طاهرة فلا معنى للحكم بنجاستها وهي مادة أخرى، مادة لها نظير آخر قد حكم الشارع بطيبه ولم يبق للنجاسة اسم ولا معنى وهذا حيث زالت النجاسة تماماً فلم يبق لا لون ولا طعم ولا ريح.
قوله: (غير الخمرة)
أي الخمر
فالخمر إذا تحول إلى مادة طيبة من الطيبات فإنه – حينئذ – يكون طاهراً.
واعلم أن الخمر فيه خلاف بين أهل العلم هل هو نجس أم طاهر؟
فذهب جمهور أهل العلم: إلى أن الخمر نجس واستدلوا بقوله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان} (1) .
قالوا: والرجس هو النجس، كما قال تعالى: {قل لا أجد فيما أوحى إليّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتا أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس} (2) قالوا: أي نجس فالآية الأولى نظير الآية الثانية.
قالوا: فيدل هذا على نجاسة الخمر.
فإن قيل: فلم لم تحكموا على الأزلام والميسر والأنصاب – بالنجاسة فهي ليست نجسة حساً عندكم؟
قالوا: هذه أخرجها الإجماع، فقد أجمع العلماء على أن نجاستها ليست حسية بل معنوية.
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم وقد حكى هذا القول إجماعاً، لكن هذا الإجماع ليس بصحيح لوجود المخالف.