1- فمذهب الحنابلة: أن الصلاة تبطل ويجب عليه أن يتوضأ؛ قالوا: لأنه بمجرد حضور الماء يبطل التيمم وهو في الصلاة فحينئذ إذا بطل التيمم تبطل الصلاة أيضاً – فحينئذ – يجب عليه أن يتوضأ ويستأنف الصلاة.
إذن: دليلهم ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا وجد الماء فليمسه بشرته) وهذا في الصلاة وفي غيرها.
وقالوا: من التناقض أن يجعله مبطلاً في خارج الصلاة وليس مبطلاً فيها.
2- وذهب المالكية والشافعية: إلى أن التيمم لا ينتقض إذا وجد الماء في الصلاة.
واستدلوا: بدليل وتعليل:
أما الدليل: فهو قوله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} (?) قالوا: وفي ذلك إبطال للعمل.
ولكن هذا الاستدلال بها ضعيف؛ ذلك لأن المبطل هو الله أي الشارع، فالتيمم عند وجود الماء يبطل، والذي أبطله ليس المكلف بل هو الله عز وجل.
وأما الآية: {ولا تبطلوا أعمالكم} أي بسوء تصرف منكم إما برياء أو بمنٍّ في الصدقات أو نحو ذلك مما يبطل العمل ويحبطه، وهذا من فعل المكلف فإن النهي هنا موجه للمكلف.
أما كون الصلاة تبطل بوجدان الماء فإن هذا ليس من حكم المكلف ولا من تصرفه بل هو حكم الله.
وبهذا يتبين ضعف الاستدلال بهذه الآية.
وأما التعليل: فإنهم قالوا: إن من لم يجد رقبة في كفارة القتل فإنه يفعل بدلها وهو صيام شهرين متتابعين، فإذا شرع في هذا الصيام ثم أمكنه أن يعتق الرقبة فإنه لا يجب عليه أن يعتقها بل يستمر في صيامه، قالوا: فكذلك هنا.
وهذا التعليل ضعيف؛ ذلك لأن التيمم هو بدل الوضوء أو الغسل وليست الصلاة، ونحن وإياكم متفقون على أنه لو وجد الماء وهو يتيمم أو بعد أن تيمم وقبل أن يصلي فإن تيممه بطل وهنا قد شرع بالبدل بل قد انتهى منه.