فإذا أمكننا أن نحكم بشهادة الأصل فلا يجوز أن نحكم بشهادة الفرع. وذلك لأن شهادة الأصل هي الأصل، وشهادة الفرع بدل عنها.
ولأن في شهادة الفرع تطويلاً، فإنا نحتاج إلى أن ننظر في عدالة شهود الأصل وننظر في عدالة شهود الفرع.
ولأن احتمال الخطأ يكون أكبر.
إذن: لا يجوز أن نحكم بشهادة الفرع إلا أن تتعذر شهادة الأصل بموت أو مرض أو غيبة مسافة قصر أو كخوف من سلطان. إذن لا يجوز لنا إلا عند الحاجة – فهي كالماء والتراب، فلا يجوز التيمم بالتراب إلا عند عدم الماء أو الضرر باستعماله – وهذا هو مذهب جمهور العلماء كما تقدم تعليله.
-وهل يكفى أن يشهد فرع عن الأصلين؟
الجواب: لا يكفي ذلك.
فإذا كان زيد وعمرو يشهدان على قضية تحتاج إلى شاهدين – فحَفَظ عنهما هذه الشهادة بكر، فلا تقبل شهادة الفرع. وهذه هي الصورة الأولى.
-الصورة الثانية: أن يشهد لكل أصل فرع.
فإذا حفظ زيد وعمر شهادة فهما شاهدا أصل فحفظ شهادة زيد بكر وحفظ شهادة عمرو سعد، فإنها تقبل – في المشهور في المذهب -.
قالوا: لأنه نقل للشهادة فقبل فيها خبر الواحد كخبر الديانة.
-وقال الجمهور: بل لا يقبل وذلك لأنها شهادة في إثبات حق كالإقرار فاشترط فيها شاهدان وعليه فلا بد أن يكون لكل أصل فرعان فيجتمع في القضية أربعة شهود.
أو أن يكون الفرعان قد حفظوا الشهادة عن هذا وعن هذا.
-والقول الأول أظهر لأن تعليله أقوى، فهي نقل للشهادة وليست إثبات حق وذلك لأنها لا يثبت الحق عليه فإن هذا الشاهد بشهادة الفرع لا يثبت على شاهد الأصل حق وإنما هي نقل لشهادته.
فالأظهر هو قبول ذلك كما هو المشهور في المذهب وهو قول إسحاق، قال الإمام أحمد:" لم يزل الناس على هذا "
فعليه عمل السلف، ونحوه عن إسحاق.
-الصورة الثالثة: أن يشهد عن كل أصل فرعان.