فعلى هذا القول: نقوى جانب أحدهما بالقرعة.
فهذا له بينة وهذا له بينه قد تعارضتا فتساقطتا.
وهذا الدابة تحت يده وهذا الدابة تحت يده فليس أحدهما مرجحاً على الآخر، وكذلك إذا كانت الدابة ليست عند أحد منهما بل هي عند شخص آخر فكذلك – إذن جانب كل واحد منهما يساوي جانب الآخر فحينئذ يقرع بينهما فمن خرجت القرعة له كان جانبه أقوى فحينئذ نقول له احلف وهذا القول هو الراجح في هذه المسألة.
ويدل عليه ما ثبت في سنن أبي داوود – والحديث صحيح: أن رجلين تداعيا عيناّ وليس لأحدهما بينة فأمرهما النبى صلى الله عليه وسلم " أن يستهما على اليمين أحبّا أو كَرها ".
فهذان الرجلان اختصما في عين وليس لأحدهما بينة كما أن العين ليست تحت يد أحدهما بدليل قصه الحضرمي والكندي فإن النبي صلى الله عليه وسلم " جعل البينة على الحضرمي لما كانت الأرض بيد الكندي يزرعها أما هنا فليس المدعى به تحت يد أحدهما، فلما كان الآخر كذلك رُجّحَ جانب من خرجت القرعة له.
وفي سنن البيهقى ومراسيل أبي داوود بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب: أن رجلين اختصما إلى النبى صلى الله عليه وسلم في شىء فجاء كل واحد منهما بشهود على عدة الآخر فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقترعا وقال: "إن الله يقضي بينكما "
وله شاهد مرسل عن سليمان بن يسار ومراسيل سعيد بن المسيب صحيحه عند أهل العلم ففي هذا الحديث انه قد جاء كل واحد منهما بشهود عدول بعدد شهود الآخر فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بالقرعة وقال: " والله يقضى بينكما " وهو استهام على اليمين كما في الحديث الأول. فليس فيه إلا تقوية جانب أحدهما.