وقال الجمهور وهو اختيار الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، واختاره الشيخ محمد بن إبراهيم: أنه يقضى فيها للداخل.
قالوا: لشاهد الحال، فإن شاهد الحال يدل على أنها للداخل، والبينات تعارضتا فتساقطتا، فكما لو لم يكن لهما بينة وعليه فيحكم لمن هي بيده.
قالوا: وأما كون البينة في جنب المدعي في الأدلة الشرعية فلأن الأصل ألا يكون في القضايا إلا بينّة واحدة،ولقوة جانب المدعى عليه اكتفينا بيمينه ولم نقبل من الآخر دعواه فيحكم بها إلا ببينة، فاشترطنا عليه البينة وحففنا مع الآخر فقبلنا منه اليمين، فجانبه أقوى، واما المدعي فلما كان جانبه أضعف اشترطنا البينّه.
قالوا: وأما ما ذكرتموه من أن في دعوى المدعي زيادة علم فهذا معارض بالأصل، فإن الأصل أنها لمن هى في يده، وهذا أقوى من هذا النقل.
إذن: الصحيح أن البينتين إذا تعارضتا وكان المدعى به تحت يد أحد الطرفين فإنا نحكم له مع يمينه؟ كما هو مذهب الجمهور.
فإذا كان المدعىّ به تحت يديهما جميعاً:
كأن يأتي اثنان إلى قاضى براحلة كل واحد منهما قد أخذ بزمام الراحلة فهنا لا ترجيح.
فلو كان أحدهما أقوى كأن يكون أحدهما راكبا للراجله والآخر أخذ بزمامها فإنا نرجح الراكب لان يده أقوى. أما هنا فان كليهما اخذ بزمام الراجله، فاليدان مشتركتان لا مزية لأحداهما على الأخرى فما الحكم؟
الجواب: إن كان لا بينة لأحدهما فإننا نحلفهما جميعاً. ونجعلها بينهما نصفين.
وإن كان لكل واحد فيهما بينة فكذلك أي نقول: احلفا وتناصفا.
والقول الثاني في المسألة: إننا لا نحلفهما – أي حيث أدلى كل واحد منهما ببينة – لأن بينة كل واحد منهما تثبت النصف فلا نحتاج إلى اليمين. وهو قول الأكثر.
-وعن الإمام أحمد في المسالتين كلتيهما – أي حيث لم يأتيا ببينة – أو أتى كل واحد منهما ببينة– أننا نقرع بينهما فمن خرجت القرعة له فإنه يحلف فيكون جانبه أقوى.