فكون الشارع أجاز لنا أن نتيمم عن الجنابة وهي حدث أكبر أو عن أكل لحم الجزور – مثلاً – وهو حدث أصغر، فإن هذا الحدث معنوي، وأما النجاسة فهي خبث حسي.
الأمر الآخر: أن إزالة النجاسة لا تشترط فيها النية، وأما رفع الحدث فيشترط فيه النية.
فعلى ذلك ثبت لنا فوارق بينهما، وإذا ثبتـ[ـت] الفوارق، فلا قياس صحيح. وهذا هو المذهب الصحيح وهو اختيار شيخ الإسلام وغيره من المحققين.
فالراجح: أن التيمم عن النجاسة لا يجزئ، بل إذا كان على بدنه نجاسة ولم يمكنه أن يزيلها فإنه يصلي على حسب حاله ولا بدل عن إزالتها، فالتيمم ليس بدلاً عن إزالة النجاسة، وإنما هو بدل عن رفع الحدث الأصغر أو الأكبر.
إذا ثبت لنا هذا: فإذا وقع على رجل نجاسة وهو محدث حدثاً أصغر وعنده ماء يكفي لإحدى الطهارتين، إما أن يغسل هذه النجاسة وإما أن يتوضأ، ولا يكفي الطهارتين كلتيهما فما الحكم؟
الجواب: أنه يزيل النجاسة بالماء، ويتيمم عن الحدث؛ ذلك: لأن إزالة النجاسة لا بدل لها، وأما رفع الحدث بالوضوء أو الغسل فإن بدله التيمم.
قوله: (أو خاف برداً)
خاف برداً فتيمم سواء كان في حضر أو سفر، فخشي على نفسه فإنه حينئذٍ يتيمم.
قوله: (أو حبس في مصر)
أي: في (?) حصر في مدينة من المدن الحاضرة فحبس فيها فيتيمم لعدم الماء، فهو حاضر وليس بمسافر ويتيمم لعدم وجود الماء بسبب هذا الحبس فقد حبس عنه الماء.
قوله: (أو عدم الماء والتراب)
بمعنى: كان في موضع من المواضع لا يمكنه أن يتوضأ ولا أن يتيمم، لا يمكنه أن يغتسل ولا أن يتيمم، وهو عادم للماء والتراب كليهما فإنه يصلي.
قال: (ولم يعد)
في هذه المسائل كلها.
يعني: رجل نوى بتيممه أحداثاً أو نجاسة على بدنه يضره إزالتها أو عدم ما يزيلها فإنه يصلي ولا يعيد.