قالوا: فلو أمكنه أن يعتق بعض الرقبة فإنه لا يفعل ذلك بل يعدل – بالاتفاق – إلى صيام شهرين متتابعين، لأن الله إنما أمر بعتق رقبة كاملة وكذلك قوله: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} (1) والمراد فلم تجدوا ماء تتطهرون به الطهارة الكاملة، فإنه – حينئذ – تعدلون إلى التيمم.

والعلة الثانية: أن غسل بعض البدن ليس هو الطهارة وإنما الطهارة غسل البدن كله، أي أن هذا الفعل منه لا تتم به الطهارة وإنما تثبت الطهارة بالماء بغسل البدن كله في الغسل، وبغسل الأعضاء الأربعة كلها في الوضوء، وأما غسل بعض الأعضاء أو غسل بعض البدن فليس طهارة.

وهذا هو قول أكثر أهل العلم كما قال ذلك البغوي وهو قول قوي إلا أن الاحتياط هو ما ذهب إليه الحنابلة من الجمع بين التيمم وغسل بعض البدن أو بعض الأعضاء فيغسل بعض بدنه أو بعض أعضاء وضوئه ثم يتيمم عن الباقي بعد استعمال الماء.

قوله: (ومن جرح تيمم له وغسل الباقي)

إذا أصيب بجرح في بدنه وكان – مثلاً – جنباً وإذا مس الماء هذا الجرح فإنه يضر به أو يخشى الضرر وقد يكون هذا ليس خاصاً بمحل الجرح بل قد يكون فيما حوله ويعلم أنه متي غسل ما حوله فإن الماء يتساقط على هذا الجرح فيتضرر.

فالحكم هنا أنه: يغسل ما ليس مجروحاً من بدنه أو أعضاء وضوئه ويتمم عن الجرح.

ولو مسحه فكذلك حتى لو كان عليه جبيرة فمسح عليها فإنه يتيمم كذلك، لأن الواجب إنما هو الغسل، وهذا إذا مسح فإنما ذلك لأن ذلك استطاعته ويبقى واجب الغسل فيجبره بالتيمم.

وهنا لم يوجب أن يكون التيمم بعد الوضوء أو الغسل كما أوجبه في المسألة السابقة.

وعليه: فلو تيمم أثناء الوضوء، أو الغسل أو قبله أو بعده فإنه يجزئ عنه، فإنه قال هنا:

(ومن جرح تيمم له وغسل الباقي) ولم يقل: (تيمم له بعد غسل الباقي) كما تقدم في المسألة السابقة.

* واعلم أن من كان مجروحاً فإنه لا يخلو حكمه من حالتين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015