ويجب عليه أن يتيمم لقوله: (يتيمم) ؛ وذلك لأن هذا الماء الذي غسل به بعض بدنه أو بعض أعضاء وضوئه ليس متماً لطهارة البدن فوجب عليه أن يتيمم ليتم طهارته.

والواجب أن يكون هذا التيمم بعد الاستعمال، فلو تيمم قبل الاستعمال أو معه لم يجزئه، بل يجب أن يكون التيمم بعد استعماله للماء.

وعلة ذلك: أن العذر هو عدم الماء، فلو تيمم قبل أن يستعمل هذا الماء فإنه تيمم مع وجود الماء والواجب أن يكون التيمم عند عدم الماء، فإن عذره ليس لمرض أو حرج وإنما هو لعدم الماء، ولو تيمم قبل استعماله الماء فهو ليس عادماً له، بل الماء موجود فوجب أن يكون التيمم بعد استعماله، هذا هو تقرير مذهب الحنابلة وهو مذهب الشافعية.

إذن: من وجد ماءً يكفي لبعض طهره فإنه يجب عليه أن يغسل ما يمكنه غسله بهذا الماء ثم بعد ذلك يتيمم، فيجمع بين غسل ما أمكنه لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم} وبين التيمم للتعليل المتقدم.

- وذهب المالكية والأحناف: إلى أنه يكتفي بالتيمم وأنه لا يغسل جسده، وعللوا ذلك بعلتين:

العلة الأولى: أن التيمم بدل عن الغسل والوضوء، ولا يجمع بين البدل والمبدل منه.

وأجيب عن هذا من أهل القول الأول: بأن التيمم هنا إنما هو بدل عن الأعضاء التي لم تغسل.

ففي المثال المتقدم: التيمم إنما هو بدل عن غسل الرجلين فحسب، وليس بدلاً عما تم غسله من أعضاء البدن، بل هو بدل عما لم يغسل دون ما تم غسله.

وأوضح من ذلك أن يقال: إنما هو هنا متمم للطهارة فلما غسل بعض بدنه وبقيت أعضاء لم يمسها الماء وعدم الماء فإنه يتيمم عن الباقي، فيكون التيمم هنا متمماً للطهارة.

ولنا أن نضرب على هذا نظيراً، وهو قوله تعالى: {فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا فمن لم يجد فإطعام ستين مسكينا} (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015