هذا رجل أعور فقأ عينَ صحيحٍ مماثلة لعينه الصحيحة - لأنها إن لم تكن مماثلة لعينة، فلا قصاص – فهنا الأصل أن فيه القصاص، لكن لو اقتصصنا منه لترتب على ذلك حيف، لأن الآخر بصره باق، وأما هو فبصره يذهب، وعلى ذلك: فلا قصاص، لكن الواجب الدية كاملة تغليظا؛ لأن من سقطت عنه العقوبة لمانع، ضوعفت عليه الدية أو الغُر. وبهذا قضى عمر وعثمان رضي الله عنهما كما في مصنف ابن أبي شيبة بإسنادين صحيحيْن، وهذا كما تقدم فيما إذا قتل المسلم ذميا، فالواجب إذا كان عمدا الدية كاملة؛ لأنا لمّا أسقطنا عنه العقوبة لمانع وهو إسلامه وكفر الآخر، فإنا حينئذ نوجب عليه الدية مغلظة، فكذلك هنا.
قوله: [وقَطْعِ يد الأقطع نصف الدية كغيره]
رجل أقطع اليد أو الرجل، فقُطعت، فالواجب نصف الدية؛ قالوا: لأن اليد اليمنى لا تقوم مقام اليد اليسرى، واليد اليسرى لا تقوم مقام اليد اليمنى، والرِّجل اليمنى لا تقوم مقام الرجل اليسرى، وكذلك العكس، بخلاف العين، فإن العين اليسرى تقوم مقام العين اليمنى. هذا هو المشهور في المذهب.
وعن الإمام أحمد: أن الدية تجب كاملة؛ لأن اليد – اليمنى أو اليسرى – الباقية، تقوم مقام الأخرى، فإذا قطعت يده اليمنى، فإنه يأكل بيده اليسرى ويعطي ويأخذ بيده اليسرى إلى غير ذلك، وإذا بقيت إحدى رجليه، فإنه يتكأ ويمشي عليها، بينما إذا لم يبق له رجل، فإنه لا يستطيع المشي. إذاً الأقوى أن نقول: في ذلك الدية كاملة. والله أعلم. انتهى الدرس الثالث في ليلة الأربعاء التاسع من شعبان لعام 1420 للهجرة.
تقدم أن جمهور العلماء ذهبوا إلى أن اليد الشلاء إذا قطعت ففيها حكومة.