إذاً قال شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم بالقصاص، واستدلوا بقوله تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} وبقوله: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} ، وبما روى البخاري أن عمر رضي الله عنه أقاد من الدِّرَّة وهي العصا - التي يضرب بها -، وأقاد عليٌّ رضي الله عنه من ثلاثة أسواط، وهذا هو القول الراجح.

فإن قيل: إن الغالب عدم المماثلة كما تقدم؟

فنقول: إن العدل واجب بقدر الإمكان، ونقول لهم: أيهما أقرب، آلتعزير أم القصاص؟

فلو أن رجلا لطم، فالتعزير إما أن يكون بسوط أو سوطين أو يسجن يوما، هذا هو التعزير، فأيهما أقرب، هل الأقرب التعزير أم الأقرب اللطم إن لطم أو الضرب بعصا إن ضرب؟

الجواب: الأقرب الثاني؛ لأن التعزير سيكون بالسجن، وبين السجن وبين اللطمة من الفرق ما هو أعظم من الفرق ما بين لطمة أشد ولطمة أضعف.

فإن قالوا في مسألة المال: إن في ذلك إتلافا في المال، فهذا رجلٌ يقول: إن زيدا أحرق سيارتي، وثبت عليه ذلك، ويقول: أريد أن أحرق سيارته التي تساوي هذه القيمة، أو قتل بعيره فقال: أريد أن أقتل بعيره كما قتل بعيري، قالوا: فهذا فيه إتلاف للمال؟

فنقول: أيهما أعظم إتلاف المال أم إتلاف الطرف؟

إتلاف الطرف، كاليد، أعظم من إتلاف المال، ولذا فإن هذا القول هو القول الراجح في هذه المسألة، وعلى ذلك نقول بالقصاص كما هو اختيار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وطائفة من أهل العلم. والله أعلم. انتهى الدرس الأول من كتاب الديات في ليلة الأربعاء الثامن عشر من رجب لعام 1420 للهجرة

فصل

قوله [وإذا أدَّب الرجل ولده أو سلطانٌ رعيته أو معلم صبيّه، ولم يسرف لم يضمن ما تلف به]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015