وقال في الفروع: " أو قيّده "، وهذا أصح، لأنه لو قيده، فكذلك، والمقصود أنه يمنعه من الهرب والمدافعة عن النفس، فلم يتمكن لا من الهرب، ولا من المدافعة عن نفسه، فهذا حرٌّ مكلف قد قيد بحيث لا يتمكن من الهرب ولا يتمكن من الدفاع عن نفسه، فمات بالصاعقة، لأنه مقيد لا يتمكن من الخروج من هذا الموضع الذي وضع فيه، أو دخلت عليه حية وهو لا يتمكن من إنقاذ نفسه، وجبت الدية، لكن لو كانت الأبواب مفتوحة ويمكنه الفرار، فليس كالصبي، لكن لو كان يعلم أنه لو خرج من هذه الغرفة فهناك أسوار، فلا فائدة، فهذا كما لو قُيِّد، لكن الحية يتمكن من الفرار منها، أما الصاعقة، فإنه إذا وضع في غرفة ولو كانت مفتوحة، فكما لو أُغلقت، مادام أنه يعلم أن وراء هذه الغرفة أسوار لا يتمكن من الخروج منها. إذاً المقصود أنه متى ما كان متسبِّباً، قد حبسه في هذا الموضع، بحيث لا يتمكن من إنقاذ نفسه، فإن الضمان يكون عليه.
وهنا مسألة: هل في ضربة السوط واللطمة وإحراق المال، قصاص أم فيه الضمان؟
- قال جمهور العلماء: لا قصاص فيه، فلو لطم رجل آخر، فهل نقول للآخر: الطمه، أو ضربه بسوط، فهل نقول: اضربه بسوط، أو أحرق سيارته، فهل نقول: لك أن تحرق سيارته؟ قالوا: لا؛ لأن الغالب عدم المماثلة، فقد تكون لطمة أشد من لطمة، وسوط أشد من سوط، فلما كان الغالب عدم المماثلة لم يقولوا بالقصاص.
- وقال شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، وهو رواية عن أحمد، وهو مذهب طائفة من أهل الحديث، وهو قول ابن المنذر، قالوا: بل في ذلك القصاص، فله أن يقتص.
رجل اعتدى على آخر فلطمه، فالقاضي يخيِّره بين أن يلطمه، وبين غير ذلك مما يكون فيه ضمان، كما يكون هذا في المال. وأما الجمهور فإنهم يقولون هنا بالتعزير.