وأما في الأطراف والجراح، فإن كان الجرح أو الطرف قد سرى ثم اندمل، فمن حين اندماله، فنبدأ من حين توقفت فيه سراية هذا الجرح أو سراية هذا الطرف. وأما إذا لم تسر الجناية، فتكون من حين القطع. إذاً دية الخطأ وشبه العمد على العاقلة.

* فإن تعذّر أن يكون ذلك على العاقلة، كأن لا يطبَّق هذا في بعض البلدان، أو لا تكون له عاقلة، فعلى من يكون؟

مذهب الجمهور: أنه يكون على بيت المال.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه يكون على الجاني نفسه، فنرجع الدية على الجاني نفسه، لأنها إنما وجبت على عاقلته من باب التخفيف والمواساة له، وإلا فإن الأصل أن ضمان المتلفات على المتلِف نفسه. وهذا القول هو الأرجح، كما أنه أقوى في حفظ الحق وعدم ضياعه، فنقول: إن كانت له عاقلة فعلى عاقلته، فإن لم تكن له عاقلة، فعليه هو، لأن الأصل في ضمان المتلفات أن تكون على الجاني أو المتلِف نفسه.

قلنا إنها تؤجل ثلاث سنين، لكن إن كانت المصلحة في دفعها حالّة، فإنها تدفع حالة ولا تؤجل، فإذا رأى القاضي أو السلطان أنها تدفع حالة، فلتدفع حالة، كما لو كان يخشى من فوات الحق وهروب من عليه الدية، أو كان من عليهم الدية، وهم العاقلة أغنياء، وأولياء هذا المقتول فقراء. واختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وقد نص على ذلك الإمام أحمد.

قوله: [وإن غصب حُراًّ صغيرا، فنهشته حية أو أصابته صاعقة … وجبت الدية]

رجل غصب حرا صغيرا ابن عشر سنين، ثم وضعه في حجرة، وإن كان الحجرة مفتوحة الأبواب، لكن المقصود أن يد هذا الغاصب عليه، فنهشته حية أو أصابته صاعقة أو حصل له وباء في ذلك الموضع، فتلف، فعليه الدية؛ لأنه متسبِّب، فكل ما له ارتباط بالمحل الذي وضعه فيه، حتى لو أخذه إلى داره وأصيبت هذه الدار بصاعقة أو أتاها سبع أو نحو ذلك، فتلف هذا المُغتصَب، فإن عليه الضمان، لأنه هو المتسبب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015